والسود، وزاد إعجابي وإجلالي للمسلمين أن سيد القوم يقف بجانب المواطن العامل والمزارع والتاجر والموظف، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، راكعين، ساجدين يخشون ربهم ويرجونه الرضا والعفو، فأيقنت أن مجد الإسلام والمسلمين في هذا التساند الجميل، والتآخي الحبيب، "لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى".
4 - الرسالات السماوية:
قرأت قول المسيح عليه السلام، ومثاله: "خرج الزارع ليزرع وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق" وقرأت كتابة بولس. ومثاله: "فإني أسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن ولكني أرى قاموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعشائي، ويحى أنا الشقي من ينقذني من جسد الموت هذا؟! ".
قولان: أحدهما للمسيح يمتاز بالبساطة ووضوح التعبير، وثانيهما يمتاز بعمق وغور المعاني، وكلاهما ينسب إلى الله جل شأنه.
وقرأت في القرآن الكريم قوله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ... } . وما قبل فاتحة القرآن الكريم إلى قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ} إلخ السورة، وتأملت وتدبرت، وإذا بالله العزيز الحكيم يحسم الأمر بقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} ثم يتحدى الله خلقه بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} .
فازددت إيماناً ورسوخاً، وقرتت قراراً، واعتزلت الخدمة الدينية وظيفة، وانتهجت نهج الأعمال الحرة. فعملت بشركة استندر ستيشيزي بالقاهرة من سنة 1955 إلى سنة 1959 لكسب عيشي بالحق والأمانة، ومازالت تربطني بالكنيسة روابط كثيرة.
ويشاء الله أن يهيدني إليه، أليس هو القائل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} ، {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} .