ثم يقف المسيح من هذه الشبهة بقوله قولاًَ يجعل من الابن شخصية تتميز في جوهرها عن الروح القدس بحيث يفهم الإنسان أنهما شخصيتان متباينتان في قوله: "ومل من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له. وأما من جدف على الروح القدس فلا يغفر له"، بل يؤكد المسيح هذه النظرية بقوله: "قال لها يسوع: لا تلمسني لأني لم اصعد إلى أبي. ولكن أذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني اصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". لهذا المجاز لم يقصد منه أن المسيح ابن الله إطلاقاً. ومع هذا فالقرآن وحده الفيصل في هذه الشبهة بقوله تعالى:

وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}

وقوله تعالى:

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}

ومع هذا فإن الشريعة الموسوية ثارمة، فهي تطبق تطبيقاً حرفياً بلا تأويل أو تخريج يخرجها عن حقيقة بغيتها. وفي نظر السريعة الموسوية الإنسان الذي يجعل من نفسه ابناً لله يكون مجدفاً وينطبق عليه حكم الرجم. ولهذا قال بيلاطس: "خذوه أنتم واصلبوه لأني لست أحد علة علية. أجابه اليهود: لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يمون لأنه جعل نفسه ابن الله".

ومع أن صرختهم كانت تدوي بإعدام شبيه المسيح، إلا أن الجريمة في حد ذاتها لم تكن لتثير بيلاطس الحاكم الروماني ليصدر أمره بإعدام شبيه المسيح. حتى تصايح اليهود قائلين: "إن أطلقت عذا فلست محباً لقيصر. كل من يجعل نفسه ملكاً يقاوم قيصر".

وهنا خشى بيلاطس على أمن الإمبراطورية الرومانية وتأكيداً لحكمه أن يكون صادراً على حيثيات لا علاقة لها بالشئون الدينية في كون المسيح ابن الله، حيث إن هذا الاعتبار من صميم حقوق الكهنة في تطبيق شريعة موسى وتنفيذ الإعدام بالرجم، بل حيثيات تعرض أمن الإمبراطورية للانهيار، فأراد أن يتأكد أن الشخص الذي سيصدر حكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015