وتشمل الأسقفية الواحدة عدة أبروشيات، على كل أبروشيه قسيس راع، ويتبع الأبروشية الواحدة القساوسة المعلمون والمبشرون والشمامسة، ثم ينتهي هذا الجهاز ببسط نفوذه إداريا وروحيا على الشعب.
وهكذا ظهر هرم كهنوتي متدرج يشبه إلى حد كبير هرم الوظائف الإدارية في الإمبراطورية الرومانية.
وهذا الجهاز جعل من الكنيسة حكومة ثيوقراطية وراثية، تستمد نفوذها من المسيح، فهي بذل تعتمد على العقيدة المسيحية في سلطانها وسيطرتها على الشعب، من الملوك المزارعين والعمال.
ونجم عن هذا الجهاز الدقيق وعن تشبث رجال الدين بمراكزهم أن كان هناك صراع من أجل النفوذ، دفعهم إلى العمل لاستبعاد كل الشخصيات التي يتوجسون منها خفية في إثارة مشاكل أو منافسة على سلطان الكنيسة.
ومع هذا التشبث الدنيوي تعرضوا لأخطر مشكلة نجم عنها انقسام المسيحيين - بل الإمبراطورية الرومانية أيضا - إلى معسكرين، وثارت البغضاء الدينية والسياسية بينهما لمدة قرنين من الزمان.
هذه المشكلة هي تحديد العلاقة بين المسيح الابن والإله الآب.
حدث خلاف جوهري بين اثنين من رجال الكنيسة بالإسكندرية حول تحديد العلاقة بين المسيح الابن والإله الآب.
فقال آريوس - وهو أسقف إسكندري - إن المنطق يحتم وجود الآب قبل الابن، ولما كان المسيح الابن مخلوقا للإله الآب، فهو إذن دونه، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعادل الابن الإله الآب في المستوى والقدرة، وبعبارة أخرى فإن المسيح مخلوق لا إله، بمعنى هذه الكلمة المطلق وإلا فإن المسيحيين يصبحون متهمين بعدم التوحيد وبعبارة إلهين.
وقال أثناسيوس - وهو شماس إسكندري - (لاحظ أيها القارئ التدرج الهرمي في الوظائف الدينية) إن فكرة الثالوث المقدس تحتم أن يكون الابن مساويا للإله الآب تماما في كل شيء، بحكم أنهما من عنصر واحد بعينه، وإن كان شخصين متميزين.