وقت الزوال من هذا اليوم هبت1 ريح شديدة فرفعت خيام الفرس، وألقت سرير رستم، فبادر فركب بغلته، وهرب فأدركه المسلمون فقتلوه، وهرب الفرس، وتبعهم المسلمون يقتلون، ويأسرون، وغنموا شيئاً كثيراً لا يحد ولا يوصف، وبعثوا بالخمس والبشارة إلى عمر، وكان عمر يخرج من المدينة إلى ناحية العراق يستنشق الأخبار، فبينما هو ذات يوم إذا راكب يلوح من بعد فاستقبله عمر، فقال الراكب: فتح الله على المسلمين بالقادسية، وجعل يحدثه وهو لا يعرف عمر، وعمر ماش تحت راحلته، فلما اقترب من المدينة، جعل الناس يحيّون عمر بالإمارة، فعرف الرجل عمرَ، فقال: "يرحمك الله يا أمير المؤمنين، هلا أعلمتني"، فقال: "لا حرج عليك يا أخي"2.

وكان سعد حال شدة الحرب في القصر، ولا يغلق عليه الباب لشجاعته، ولو فرّ الناس لأخذته الفرس قبضاً باليد، وعنده امرأته سلمى بنت حفص3، 4، و. . . 5 قبله امرأته المثنى، فلما فرّ بعض الخيل فزعت المرأة من ذلك، وقالت: "وامثناه، ولا مثنى لي اليوم"، فغضب سعد من ذلك، فلطم وجهها، فقالت: "أغيرة وجبناً"، تعيره بجلوسه في القصر يوم الحرب، وهذا عناد منها، فإنها أعلم الناس بعذره، وكان أبو محجن6 عند سعد في القصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015