فلما قدم عليه، قال له: "أنتم جيراننا، ونحن نحسن إليكم، ونكفّ الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم، ونحن لا نمنع تجاركم من دخول بلادنا". فقال له المغيرة: "إنا لسنا نطلب الدنيا، وإنما نطلب الآخرة". في كلام طويل. ثم بعث إليه رسولاً آخر وهو ربعي بن عامر1 فأجاد وحسن الكلام. ثم طلبوا في اليوم الثاني [رجلاً] 2 فبعث سعد حذيفة بن محصن3، ثم طلبوا4 في اليوم الثالث فأرسل المغيرة أيضاً5.
ثم كانت وقعة القادسية، فلما تواجه الصفان كان سعد قد أصابه عرق النّسا6، ودَمَامِيل7 في جسده فهو لا يستطيع الركوب، وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق وسادة، وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره، فتقاتلوا حتى كان الليل، وقد قتل من الفريقين بشر كثير، ثم اليوم الثاني حتى أمسوا، ثم اليوم الثالث وسموا هذه / [56 / أ] الليلة: ليلة الهرير8، ولما كان اليوم الرابع اقتتلوا قتالاً شديداً، وقد قاسوا من الفيلة بسبب نفرة الخيول أمراً عظيماً، قد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها بالرماح، فلما كان