الفرنسية في باتنة وبسكرة وعرضت عليه الاستسلام وإعادة كل أشيائه إليه وأخذه ليعيش فب بلاد إسلامية. فقبل العرض بعد أن كبرت سنه ووهنت قواه ومن بسكرة ذهب إلى باتنة (في 5 يونيه عام 1848) ومنها إلى قسنطينة عاصة ملكه القديم التي عاد إليها هذه المرة مجردا من السلاح ولكنه كان مشحونا بالذكريات. استقبله أعيانها عند مدخلها ودخل إليها وسطهم في كوكبة من الخيل. وأقام فيها ثلاثة أيام كان فيها محل رعاية خاصة، فكان أهلها يأتون إليه كل يوم بالطعام والملابس والعسل والزبدة والفاكهة وبعض مصنوعاتهم. ولكن السلطات الفرنسية خشيت العاقبة فمنعت الأعيان من فعل ذلك وأحضرتهم أمام المحاكم العسكرية.
وعن طريق سكيكده وصل الحاج أحمد إلى العاصمة. وهناك عينت له السلطات الفرنسية دارا له ولأهله وخصصت له مبلغ 12،000 فرنك سنويا. وعينت له أحد المترجمين لمرافقته وهو الضابط دي روزي Rouzé وبدل تنفيذ الوعد بإطلاق حريته ظل سجينا في الجزائر إلى أن مات سنة 1850 ويوجد قبره الآن في زاوية سيدي عبد الرحمن الثعالبي وسط مدينة الجزائر. ولعل موته لم يكن طبيعيا.
حاول الحاج أحمد إقامة دولة تعتمد على تأييد السلطان وتأييد الارستقراطية المحلية. فحافظ على النظام العثماني ونشد مساعدة السلطان حتى يعطي لحكمه الشرعية والهيبة. وبعد احتلال الجزائر حاول الحاج أحمد أن يوسع قاعدة حكمه بتأييد الجماهير له، فكان لا يقرر شيئا هاما إلا بالرجوع إلى الأعيان وشيوخ القبائل والعلماء والجيش. وإذا كان في الفترة الأولى قد اعتمد على الجند العثماني فانه بعد الاحتلال قد غير رأيه وتخلص من هذا الجند معتمدا على العرب الذين أراد أن يخلق منهم دولة يكونون هم سادتها (?)