وقال آخر:
خليليّ ألّا تبكيا لي أستعن ... خليلا إذا انزفت دمعا بكى ليا
قال كثيّر:
أقول لدمع العين أمعن لأنّه ... بما لا يرى من غائب الدّمع يشهد
قال عليّ بن جميلة:
ولم أر مثل العين ضنّت بمائها ... عليّ ولا مثلي على الدّمع يحسد
قال آخر:
نزفت دمعي وأزمعت الرحيل غدا ... إذا رحلت ودمع العين مكفوف
ومما يقرب من هذا الباب في الاعتذار للدمع قول الوزير أحمد بن إبراهيم:
لا تحسبين دموعي البيض غير دمي ... وإنمّا نفسي الحامي يصعّده
قال بعضهم:
أتتني تؤنّبني بالبكاء ... فأهلا بها وبتأنيبها
وقالت وفي قولها حشمة ... أتبكي بعين تراني بها
فقلت إذا استحسنت غيركم ... أمرت الدموع بتأديبها
وقال آخر:
ردّ الجموح الصّعب أيسر محملا ... من ردّ دمع قد أراد مسيلا
وقال كشاجم:
أظنّ دمعي مثلي به كلفا ... مستأسرا في يدي محبّته «1»
قال بشّار لأبي العتاهية: أنا والله أستحسن قولك في اعتذارك للدمع:
كم من صديق لي أس ... ارقه البكاء من الحياء
فإذا تفطّن لامني ... فأقول ما بي من بكاء
لكن ذهبت لارتدى ... فطرفت عيني بالرّداء
فقال أبو العتاهية ما لذت إلا بمعناك حيث تقول:
وقالوا: قد بكيت فقلت: كلا ... وهل يبكي من الطّرب الجليد
ولكن قد أصيب سواد عيني ... بعود قذى له طرف حديد