وقال آخر:
إذا ما تقاطعنا ونحن ببلدة ... فما فضل قرب الدار منّا على البعد
كان الأحنف مستندا إلى سارية في المسجد وحده، فأقبل بعض إخوانه فتنحّى له عن مجلسه، فقال: يا أبا بحر ما عندك من أحد ولا مجلسك ضيق فلم تنحّيت؟ قال: كرهت أن تظن أني لم أهشّ لزيارتك ومجيئك فشكرت ذلك بأقرب ما حضرني من الإكرام. وقال محمد بن يزيد. حضر بعض الناس مجلس كبير فنهض له فقال له في ذلك، فقال:
لئن قمت ما في ذاك عندي غضاضة ... لديّ لأني للشريف مذلّل «1»
على أنه منّي لغيرك هجنة ... ولكنّه مثلي لمثلك يجمل «2»
وقال غيره:
فلما بصرنا به ماثلا ... حللنا الحبا وابتدرنا القياما «3»
فلا تنكرنّ قيامي له ... فإنّ الكريم يجلّ الكراما
أقبل معاوية وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر جالسان، فقام ابن عامر ولم يقم ابن الزبير، فقال معاوية سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ أمقعده من النار، وقال صلّى الله عليه وسلّم: لا يقومنّ الرجل لغيره من مجلسه ثم يجلسه فيه.
وقيل: الكراهة في أن يقعد الرجل ويقيم الناس بين يديه.