مرّ أمير المؤمنين رضي الله عنه بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ولم يأمرهم أن يرفضوه. وقيل: إنما قال لهم ذلك لأنها كانت على صورة الأفراس والفيلة، وسأل الرشيد معن بن عيسى عنه، فقال: ما فقدناه من مجالس قريش التي كنا نهاب أن نمر بها.
وكان الشعبي يلعب مستدير الحذقة. وسئل عنه الحسن رضي الله عنه، فقال: لا بأس به ما لم يكن قمارا فإنه احتيال. وسئل أبو العباس بن شريح عنه، فقال: إذا سلمت أيديهما من الطغيان ولسانهما من العدوان وصلواتهما من النسيان، فهو مباح بين الإخوان غير محرم على الخلان.
قال أمير المؤمنين رضي الله عنه فيه: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، فسماها تماثيل. ومر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بقوم يلعبون، فقال: قد وضعت الحرب أوزارها ثم خلطه. وروي عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه أنه كره اللعب. وكان المأمون يستهزىء بالشطرنج مع جودة لعبه به، ويقول: لا يفوق المرء فيه إلا باستفراغ الذهن كله له ولا يبلغ قدر ذلك وكان الفضل بن يحيى يجيد اللعب به، وكان يذّمه ويقول:
لا يقمر اللاعب به إلا بكد الجوارح ولا يبلغ قدره ذلك. قال المتنبّي:
وغير فؤادي للغواني رمية ... وغير بناني للرخاخ ركاب «1»
وقال شاعر:
لعب الشطرنج شوم ... فاجتنبها يا مشوم
إنّما عدّت لقوم ... شأنهم شأن عظيم
ملك يجبى إليه ... أو وزير أو نديم
هبك فيها ألعب النا ... س فماذا يا حكيم
وكان أهل المدينة إذا خطب إليهم من يلعب الشطرنج لم يزوّجوه، ويزعمون أنه إحدى الضرتين. وقيل: إنما وضع للعجم الذين لا علم لهم فإذا اجتمعوا تلاحظوا تلاحظ البقر، فجعلوا ألعبهم به مشغلة.
قال شاعر:
أرض مربّعة حمراء من أدم ... ما بين خلّين موصوفين بالكرم