سئل حكيم عن فرق ما بين غناء النساء والرجال، فقال: ما خلقت الأغاني إلا للغواني. وقيل: نعيم الدنيا أن تسمع الغناء من فم تشتهي تقبيله.
قال الجاحظ: كم بين أن تسمع الغناء من فم تشتهي أن تقبله وبين أن تسمعه من فم تشتهي أن تصرف بصرك عنه، وأيهما أملح أن يغنيك: فحل ملتف اللحية وشيخ منخلع الأسنان متغضن الوجه أو تغنيك جارية كطاقة نرجس أو آس، وأنشد:
من كفّ جارية كأن بنانها ... من فضّة قد طرفت عنّابا
وقيل: أطيب الغناء ما أشجاك وأبكاك وأطربك وألهاك. قال يحيى بن خالد لابن جامع: من أحسن الناس غناء، فقال: من أطرب الخاشع وأفهم السامع. قال الموصلي:
إذا تغنيت بالمديح ففخم أو بالنسب فأخضع أو بالمرائي فأحزن أو بالهجاء فشدد.
سمع رجل غناء حسنا، فقال: السكر على هذا شهادة. وقال كشاجم:
فلست آبى وإن سقوني ... على أغانيه نيل مصر
وقال الخبزارزي:
ولو أن البحور خمر لدينا ... وتغنّيت لارتشفت البحورا
قال أبو تمّام في وصف جارية:
ومسمعة يحار السمع فيها ... طربت لحسنها بصدى غناها
ولم أفهم معانيها ولكن ... ورت كبدي ولم أجهل شجاها «1»
فكنت كأنني أعمى معنّى ... بحبّ الغانيات وما رآها
قال بعض الأصفهانيين:
غننا يا غلامنا وأمهنا ... وتنكّب غناءك العربيّا «2»
إنّنا معشر من العرب ال ... غرّ كرام فغنّنا الفارسيّا
وأسقناها مدامة نازعتها ... وبس دامين بكرة وعشيّا
قال بعضهم: كأنه مكوك يتدحرج على درجة. وغنى مغن فقيل لبعض الندماء: كيف ترى؟
فقال: