قال شاعر:
خاف الضياع على شيء يعجله ... من المآكل إن أصحابه ثقلوا
فما يقلّ على العجلان برمته ... حتّى يرى أنّهم في الدار قد حصلوا «1»
وحكى عن بعض البخلاء أنه رؤي في داره جمل قد نبر وجعل سميطا، وهو يجول في داره، قال فسألته عنه، فقال: إنا دعونا قوما فخفنا أن يتأخروا فجعلنا الجمل على هذا لكي إن حضروا سهل إصلاحه وإن تأخروا لم يلحقنا ضرر بذبحه.
أكل رجل مع بعض الهاشميين فكان على مائدته أرغفة متبدّدة، فلما فرغ من رغيفه، قال: يا غلام فرسي، فقال الهاشمي: وما تصنع به قال أركبه إلى ذلك الرغيف. وقال وهب بن شاذان:
مات في عرس سليما ... ن من الجوع جماعه
مات أقوام وقوم ... علموا فيه القناعه
لم يكن ذلك عرسا ... إنما كان مجاعه
وقال بعضهم: من ضاف فلانا استغنى عن الكنيف وأمن التخمة.
قال محمد بن يوسف:
أبني سعيد إنكم من معشر ... لا يعرفون كرامة الأضياف
قرنوا الغداء إلى العشاء وقرّبوا ... زادا لعمر أبيك ليس بكاف
بينا كذلك جاءهم كبراؤهم ... يلحّون في التبذير والإسراف
وأضاف رجل أعرابيا فلم يأته بشيء يأكله، حتى غشى عليه من الجوع، فأخذ يقرأ عليه القرآن، فقال:
لخبز يا أخي عليه لحم ... أحبّ إليّ من حسن القرآن
تظلّ تدهده القرآن حولي ... كأنّي من عفاريت الزّمان «2»
أما الرغيف لدى الخوا ... ن فكالحمام لدى الحرم
ما أن يحسّ ولا يم ... سّ ولا يذاق ولا يشم