وشغل النفس عن طلب المعالي ... ببيع الشعر في سوق الكساد «1»
قال: ما لزم أحد الدعة إلا ذلّ، وحب الهوينا يكسب الذل، وحب الكفاية مفتاح العجز. وقال الصاحب: إن الراحة حيث تعب الكرام أودع لكنها أوضع، والقعود حيث قام الكرام أسهل لكنّه أسفل.
وقال آخر:
فتى بهمّته يلتذّ في دعة ... وراحة ويولي غيره التعبا
وقال أبو دلف:
ليس المروءة أن تبيت منعّما ... وتظلّ معتكفا على الأقداح
ما للرجال وللتنعم إنّما ... خلقوا ليوم كريهة وكفاح «2»
قال يزيد بن المهلب: ما يسرني أني كفيت أمر الدنيا كله لئلا أتعود العجز.
قال الأحنف إياك والكسل والضجر فإنك إن كسلت لم تؤد حقا وإن ضجرت لم تصبر على حق.
قال شاعر
لا تضجرن ولا تدخلك معجزة ... فالنجح يهلك بين العجز والضجر
وقيل: زوّج العجز التواني فنتج بينهما الحرمان.
قال ابن المعافى:
كأن التواني أنكح العجز بنته ... وساق إليها حين أنكحها مهرا
فراشا وطيئا ثم قال له اتكىء ... فقصرا كما لا شكّ أن تلدا فقرا
وقال آخر:
خاطر بنفسك لا تنتفع بمعجزة ... فليس حر على عجز بمعذور
قيل لابن المقفع: لم لا تطلب الأمور العظام؟ فقال: رأيت المعالي مشوبة بالمكاره فاقتصرت على الحمول ضنّا بالعافية، ومنه أخذ العتابي قوله:
دعيني تجئني منيتي مطمئنة ... ولم أتجشم هول تلك الموارد