أبوك يعلو إلى الفردوس سلّمة ... وأنت مقتحم تهوي إلى النّار
وكان ثوباه من فضل ومن كرم ... وأنت ثوباك من خزي ومن عار
صار أعرابي إلى سوّار القاضي، فقال: إن أبي مات وتركني وأخي فخط خطين ناحية وترك هجينا فخط آخر ناحية بعيدا من الأولين فكيف يقسم المال، قال: المال بينكم أثلاثا.
فقال الأعرابي لا أحسبك فهمت فأعاد عليه الفتيا، فقال: المال بينكم سواء. فقال: أيأخذ الهجين كما نأخذ؟ قال سوار: نعم. فغضب الأعرابي وقال: أعلم أنك قليل الحالات بالدّهناء فقال: لا يضرّني.
وجاء أعرابي إلى المهدي في طريق مكة فقال يا أمير المؤمنين أنا عاشق بنت عمّ لي وقد أبى أن يزوجنيها، فقال: لعله أكثر منك ما لا قال: لا. قال: فما القصة؟ قال: ادن منّي يا أمير المؤمنين، فضحك المهدي وأصغى إليه برأسه، فقال سرا: أنا هجين. فدعا عمه وقال: لم لا تزوج ابن أخيك؟ فقال إنه هجين، فقال: إن ذلك لا يضره، أخوة أمير المؤمنين كلهم هجناء. زوجه فقد أصدقت عنه عشرة آلاف درهم.
قال الجاحظ: قلت لعبيد الكلابي وكان فصيحا فقيرا أيسرّك أن تكون هجينا ولك ألف جريب، قال: لا أحب اللؤم بشيء قلت فإن أمير المؤمنين ابن أمة قال أخزى الله من أطاعه، قلت: نبيا الله محمد وإسماعيل كانا ابني أمة، قال: لا يقول هذا إلا قدري. قلت:
فما القدري، قال: لا أدري.
قال شاعر:
لا أرضع الدهر إلا ثغر واضحة ... لواضح الجسم يحمي بجور الجار
كانت العرب إلى أن عادت الدولة العباسيّة إذا أقبل العربي من السوق ومعه شيء فرأى مولى دفعه إليه ليحمله معه فلا يمتنع ولا السلطان يغير عليه. وكان إذا لقيه راكبا وأراد أن ينزله فعل، وإذا رغب أحدهم في مناكحة مولاة خطب إلى مولاها دون أبيها وجدّها.
وكان نافع بن جبير إذا مرت به جنازة فيقال عربي يقول يا قوماه، وإن قيل مولى يقول مال الله يأخذ ما يشاء، ويدع ما يشاء ولا يقولون للمولى كريم ولا حسيب وإنما يقولون فاره «1» .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس قوم أكيس من أولاد السراري لأنهم