وقال رجل للأحنف: إن قلت واحدة لستمعن عشرا. فقال: أنت إن قلت عشرا لم تسمع واحدة. وألحّ رجل على الأحنف بالشتم فلما فرغ قال: هل لك في الغذاء فإنك مذ اليوم تحدو بأحمال ثقال، وشتم سفيه حكيما وهو ساكت فقال: إياك أعني. فقال: وعنك أغضي. قال:
وبعض انتقام المرء يردي بعقله ... وإن لم يقع إلا بأهل الجرائم
وقيل لبعضهم وقد كان من صاحب له ذنب إليه: هلّا جازيت فقال:
الصقر يحقر عن طراد الدّخّل «1»
قال شاعر:
شاتمني عبد بني مسمع ... فصنت عنه النّفس والعرضا
ولم أجبه لاحتقاري له ... من ذا يعضّ الكلب إن عضّا
ولهذا باب في موضع آخر.
قال المهلب «2» : إذا سمع أحدكم العوراء فليطأطىء لها تتخطّاه، وأسمع رجل آخر وهو ساكت فقال: إني وإياك كما قال زهير:
وذي خطل في القول يحسب أنه ... مصيب فما يلمّم به فهو قائله
وقال حاتم:
وكلمة حاسد من غير جرم ... سمعت فقلت مرّي فانفذيني
عنيت بها كأن قيلت لغيري ... ولم يعرق لها يوما جبيني «3»
قال السموأل اليهودي «4» :
ربّ شتم سمعت فتصاممت ... وعيّ تركته فكفيت
قال البحتري:
وأحبس عن تعريض عرضي لجاهل ... وإن كنت في الإقدام أطعن في الصّف «5»