قال الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ
«1» الآية. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من سرّه أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سرّه أن يكون أقواهم فليتوكل على الله، ومن سرّه أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه. وقال: من أراد عزا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، وغنى بلا مال فليخرج من ذل معصية الله تعالى إلى عز طاعته. وقال جعفر بن محمد: اتق الله بعض التقوى وإن قل، واجعل بينك وبين الله سترا وإن رقّ.
وقال بزرجمهر: من قوي فليقو على طاعة الله ومن ضعف فليضعف عن معصية الله.
وقال ابن المقفع: ليحرص البلغاء أن يزيدوا على هذه الكلمة حرفا. وقال عبد الملك لبنيه في مرضه: أوصيكم بتقوى الله فإنها أزين حلة وأحصن كهف، فقال مسلمة: وأقرب إلى الصواب وأنفع في المآب، فقال عبد الملك: هاتان لا الأوليان.
قيل لداوود الطائي: لو سرحت لحييك، قال: إن الرجل إذا اشتغل بنفسه نسي الله وإذا اشتغل بالله نسي نفسه. وقيل لقي داود محمد بن واسع فقال: يا أخي مالي لا أراك؟ قال:
لأني انقطعت إليه، فقال: الشأن في أن يقبلك فغشي عليه. وقال الهيثم الهاشمي: ذكر في مجلس أبي عبد الله بن خفيف أن جنيدا قال: لا تصحب من تحتاج أن تكتمه ما يعرف الله منك، فقال: أبو عبد الله أراد جنيد أن يشغل الخلق عن الخلق بالله. وقال الجنيد: من ذكر الله نسي نفسه ومن ذكر نفسه ذكر الخلق ومن ذكر الخلق فقد هلك. وقال الشبلي:
يا منية المتمنّي ... شغلتني بك عنّي
عجبت منك ومنّي
ونحو ذلك قيل لأبي يزيد البسطامي أين أبو يزيد؟ فقال: أنا في طلب أبي يزيد منذ عشرين سنة. وقال رجل لأبي الربيع: أوصني، فقال: إن الله لا يشغله عنك شيء فإن استطعت أن لا يشغلك عنه شيء فافعل.
قال ابن عباس: ما انتفعت بشيء بعده صلّى الله عليه وسلّم كانتفاعي بما كتب إلى أمير المؤمنين: أما بعد فإن المرء يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك وأسفك على ما فاتك منها، وليكن همّك فيما بعد الموت والسلام.
وقيل: من كان بالآخرة اشتغاله حسنت في الدنيا حاله. وقال زيد بن علي بن