واعْلم بأَنَّكَ عَنْ أهْلِيكَ مُرْتَحِلٌ ... عَمَّا قَلِيلٍ لَبَيتِ الدُودِ والمَدَرِ
لاَ تَأمَنَّنَ مِن الدُنْيَا وزَهْرَتِهَا ... لأنَّهَا كَسِراجٍ لاَحَ لِلْبَصَرِ
أينَ الأحَبَّةُ والجيرَانُ مَا صَنَعُوا ... صَارُوا لَنَا خَبَرًا مِن أعْظَمِ الخَبَرِ
أينَ الملُوكُ الذِي عَاشَرْتَهمْ زَمَنًا ... صَارُوا جَمِيعًا إلى الأجْدَاثِ والحُفَرِ
أينَ القُصُورُ التي كَانَت مُعَمَّرةً ... حُصُونُهَا مُلِئَتْ بالبُسْطِ وَالسُرُرِ
أينَ الوجُوهُ التي كَانَتْ مُنَعَّمَةً ... أينَ الخُدُودُ الَّتِي تَسْبِي أولي النَّظَرِ
صَارُوا جَمِيعًا إلى ضِيقِ القُبُور وقد ... صَارَتْ مَحَاسِنُهُم مِن أقْبَحِ الصَّوَرِ
ونَحْنُ عَمَا قَلِيلٍ لاحِقُونَ بِهِمْ ... فانظر لِنَفْسِكَ واحْذَرْ غَايَةَ الحَذَرِ
(وصَلِّ رَبِّ عَلَى المَبُعُوثِ سَيِدِّنَا ... عِدَادِ وَبْلٍ وَمَا يُسْقَى مِنَ الشَّجَرِ)
(وَالآلِ والصَّحْبِ مَعْ مَنْ يَقْفُ سِيرَتَهُم ... عَلَى طَرِيقِ الهُدَى في العُسْرِ واليُسُرِ)
آخر:
تَبَارَكَ ذُو العُلاَ والكِبْرِيَاءِ ... تَفَرَّدَ بالجَلالِ وبالبَقَاءِ
وسَوَّى المَوتُ بَينَ الخَلْقِ طُرًّا ... وَكُلُّهُم رَهَائِنُ لِلْفَنَاءِ
وَدُنْيَانَا - وَإنْ مِلْنَا إِليهَا ... وطَالَ بِهَا المَتَاعُ - إلىَ انْقِضاءِ
ألاَ إنَّ الرُّكُونَ عَلىَ غُرُورٍ ... إلَى دَارِ الفَنَاءِ مِنَ الفَنَاءِ
وقاطِنُها سَرِيعُ الظَّعْنِ عَنْها ... وَإنْ كَانَ الحَرِيصَ على الثَّوَاءِ
يُحَوَّلُ عَنْ قَرِيبٍ مِن قُصُورٍ ... مُزَخْرفَةٍ إِلىَ بَيتِ التُّرَابِ
فيُسْلَمُ فيه مَهْجُورًا فَرِيدًا ... أَحَاطَ بِهِ شُحُوبُ الاِغْتِرَابِ
وهَولُ الحَشْرِ أفْظَعُ كُلِّ أَمْرٍ ... إذَا دُعِيَ ابنُ آدمَ لِلْحِسَابِ
وألْفَى كُلَّ صَالِحَةٍ أتَاهَا ... وسَيئةٍ جَنَاهَا في الكِتَابِ
لَقَدْ آنَ التَّزَوُّدُ إنْ عَقَلْنَا ... وأَخْذُ الحظِّ منْ بَاقِي الشَّبابِ
فَعُقْبَى كُلِّ شَيءٍ نَحْنُ فِيهِ ... مِن الجَمْعِ الكَثِيفِ إِلىَ شَتَاتِ
وَمَا حُزْناهُ مِن حِلٍّ وَحُرْمٍ ... يُوَزَّعُ في البَنِينَ وفي البَنَاتِ