إنَّا بَنُو الحَرْبِ نُمْرِيهَا ونُنْتِجُهَا ... وعندنا لِذَوِي الأضْغَانِ تَنْكِيلُ
إنْ يَنْجُ منه ابْنُ حَرْبٍ بَعْدَمَا بَلَغَتْ ... منه التَّراقِي وأمْرُ اللهِ مَفْعُولُ
فَقَدْ أفَادَتْ لَهُ حِلْمًا ومَوعِظَةً ... لِمنْ يَكُونُ لَهُ لُبٌّ ومَعْقُولُ
ولَو هَبَطْتُمْ بِبَطْنِ السَّيلِ كافَحَكُم ... ضَرْبٌ بِشَاكِلَةِ البْطَحَاء تَرْعِيلُ
تَلْقَاكُمُ عُصُبٌ حَولَ النَّبِي لَهُمْ ... مِمَّا يُعِدُّونَ لِلْهَيجَا سَرَابِيلُ
مِن جُذْمِ غَسَّانَ مُسْتَرْخٍ حَمَائِلُهُمْ ... لا جُبَنَاءَ ولا مِيلٌ مَعَازِيلُ
يَمْشُونَ نَحْوَ عِمَايَاتِ القِتَالِ كَمَا ... تَمْشِي الْمَصَاعِبَةُ الأُدْمُ المَرَاسِيلُ
أو مِثْلَ مَشْى أُسُودِ الظِّلِ الْتَقَهَا ... يَومٌ رَذَاذٌ مِن الجَوزَاءِ مَشْمُولُ
في كلِّ سَابِغَةٍ كالنهي مُحْكَمَةٍ ... فِئَامُها فَلحٌ كالسَّيفِ بُهْلُولُ
تَرُدُّ حَدَّ قرَان النَّبْلِ خَاسِئَةً ... ويَرجِعُ السَّيفُ عِنْهَا وهو مَفْلُولُ
وقَدْ قَذَفْتَمُ بِسَلْعٍ عن زُهُورِكُمُ ... ولِلْحَيَاةِ ودَفْعُ الموتِ تأْجِيلُ
مَا زَالَ في القَومِ وتْرٌ مِنكُمُ أبَدًا ... تَغْفُو السلام علَيهِ وهو مَطْلُولُ
عَبْدٌ وحُرٌّ كَريمٌ موثَقٌ قَنَصًا ... شَطْرَ المَدِينَةِ مأسُورٌ ومَقْتُولُ
كُنَّا نُؤَمِّلُ أُخْراكُم فأعْجَلَكُم ... مِنَّا فَوَارِسُ لا عُزْلٌ ولا مِيلُ
إذَا جَنَى فيهم الجَاني فَقَدْ عِلِمُوا ... حَقًا بأنَّ الذي قَدْ جَرَّ مَحْمُولُ
آخَرُ يَذكُرُ أولَّ مَبْعَثِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -:
ثَوَى في قُرَيش خَمْسَ عَشْرة حَجَّةً ... يُذَكِّرُ لَو يَلْقَى صَدِيقًا مُوَاتِيَا
ويَعْرِضُ في أهْل المواسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَم يَرَ مَن يُؤْوي ولَم يَرَ دَاعِيَا
فلمَّا أتَانَا واطْمَأنَّ بِهِ النَّوى ... وأصْبحَ مَسْرُورًا بِطَيبَةَ رَاضِيَا
وَألْفَى صَدَيقًا واطْمَأنََّتْ بِه النَّوى ... وكَانَ لَهُ عَونًا مِن اللهِ بَادِيَا
يَقُصُّ لَنَا مَا قَالَ نُوحٌ لِقَومِهِ ... ومَا قَالَ مُوسَى إذْ أجَابَ المنادِيَا
وأصْبَحَ لا يَخْشَى مِن النَّاسِ واحدًا ... قَرِيبًا ولا يَخْشَى مِن النَّاسِ نَائِيَا