ضَرَبْنَاهُمُ حَتَّى تَرَكْنَا سَرَاتَهُمْ ... كأنَّهمُ بالقَاعِ نَخْلٌ مَصَرَّعُ

لَذُنْ غُدْوَةً حَتَّى اسْتَفَقْنَا عَشِيَةً ... كَأنَّ ذَكَانا حَرُّ نَارٍ تَلَفَعُ

ورَاحُوا سِرَاعًا مُرْجَعِينَ كَأنَّهم ... جَهَامٌ هَرَاقَتْ مَاءَ الريحُ مُقْلِعُ

وَرُحْنَا وأُخْرَانَا بِطَاءً كَأنَّنَا ... أُسُودٌ عَلَى لَحْمٍ بِبيشَةَ ضُلَّعُ

فَنِلْنَا وَنَالَ القَومُ مِنَّا وَرُبَّمَا ... فَعَلْنَا ولكِنْ مَا لَدَى اللهِ أوسَعُ

ودَارَتْ رَحَانَا واسْتَدارَتْ رَحَاهُم ... وقَدْ جَعَلُوا كُلٌ مِنَ الشَّرِ يَشْبَعُ

ونَحْنُ أُنَاسٌ لاَ نَرَى القَتْلَ سُبَّةً ... عَلَى كُلِّ مَن يَحْمِي الذِّمَارَ ويَمْنَعُ

جِلادٌ عَلَى رَيبِ الحَوادِث لاَ نَرَى ... عَلى هالِكٍ عَينًا لَنَا الدَّهْرَ تَدْمَعُ

بَنُو الحَرْبِ لاَ نَعْيَا بِشَيءٍ نَقُولُهُ ... وَلا نَحْنُ مِمَّا جَرَتِ الحَرْبُ نَفْزَعُ

بَنُو الحَرْبِ أنْ نَظْفُرْ فَلَسْنَا بِفُحَّشِ ... ولا نَحْنُ مِن أظْفَارِهَا نَتَوَجَّعُ

وكُنَّا شِهابًا يَتَّقِى الناسُ حَرَّهُ ... ويُفْرِجُ عنه مَن يَليهِ ويَسْفَعُ

شَدَدْنا بِحَولِ اللهِ أعْظمَ شِدَّةٍ ... عَلَيكم واطْرَافُ الأسِنَّةِ شُرَّعُ

فَكرَّ القَنَا فِيكُمْ كَأنَّ فُرُوعَهَا ... عَزَا لِي مَزَادٍ مَاؤْهَا يَتَهَرَّعُ

وقال حسان:

أعرض عن العوراء إن أسمعتها

أعْرِضْ عَن العوراءِ إنْ أُسْمِعْتَهَا ... واقْعُدْ كأنَّكَ غَافِلٌ لاَ تَسْمَعُ

والزَمْ مُجَالَسَةَ الكرامِ وفِعْلَهُم ... وإِذَا اتَّبعْتَ فَأبْصِرَنْ مَن تَتَبْعُ

لا تَتْبَعَنَّ غَوَايَةً لِصَبَابَةٍ ... إنَّ الغَوَايَةَ كُلَّ شَرٍ تجْمَعُ

والشُّرْبَ لا تَقْرَب وخُذ مَعْرُوفَهُ ... تُصْبِحْ صَحِيحَ الرأسِ لاَ تَتَصَدَّعُ

ومما قيل في بدر من الشعر:

أألمم أمرا كان من أعجب الدهر

أَأَلْمَمَ أمْرًا كَانَ مِن أعْجَبِ الدَّهْرِ ... ولِلْحَينِ أسْبَابٌ مُبَيَّنَةُ الأمْرِ

وما ذَاكَ إلاَّ أنَّ قَومًا أفادَهُم ... فَخَانُوا تَواصَوا بالعُقُوقِ وبالكُفرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015