وأَذْلَلْتُ نَفْسي الْيَوْمَ كَيْما أُعِزَّها ... غَدًا حَيْثُ يَبْقَى الْعِزُّ لي ويَدومُ
ولِلْحَقِّ بُرْهانٌ ولِلْمَوْتِ فِكْرَةٌ ... ومُعْتَبَرٌ لِلْعالَمينَ قَديمُ
وقال أيضًا:
لا والِدٌ خالِدٌ وَلا وَلَدُ ... كُلُّ جَليدٍ يَخونُهُ الْجَلَدُ
كَأنَّ أهْلَ الْقُبورِ لمْ يَسْكُنوا الدُّورَ ... وَلَمْ يَحْيَ مِنْهُمُ أحَدُ
وَلمْ يَكونوا إِلا كَهَيْئَتِهِمْ ... لَم يُولَدوا قَبْلَها وَلَم يَلِدوا
يا ناسِيَ الْمَوْتِ وهْوَ يَذْكُرُهُ ... هَلْ لَكَ بِالْمَوْتِ إنْ أتاكَ يَدُ
يا ساكِنَ الْقُبَّةِ الْمُطيفِ بِها ... أحْراسُهُ والْجُنودُ والْعُدَدُ
دارُكَ دارٌ يَموتُ ساكِنُها ... دارُكَ يُبْلي جَديدَها الأَبَدُ ...
تَخْتالُ في مُطْرَفِ الصِّبا مَرَحًا ... يَخطرُ مِنْكَ الذِّراعُ والْعَضُدُ
تَبْكىَ عَلى مَنْ مَضى وأنْتَ غَدًا ... يُورِدُكَ الْمَوْتُ في الَّذي وَرَدوا
لَوْ كنْتَ تَدْري ماذا يُريدُ بِكَ الْـ ... ـمَوْتُ لأبْلى جُفونَكَ السَّهَدُ
وقال رحمه الله:
ألا لِلْمَوْتِ كَأْسٌ أيُّ كأسِ ... وأنْتَ لِكَأْسِهِ لابُدَّ حَاسِ
إِلى كَمْ والْمَعادُ إلى قَريبٍ ... تُذَكِّرُ بِألْمَعَادِ وأَنْتَ ناسِ
وكَمْ مِنْ عِبْرَةِ أَصْبَحْتَ فِيها ... يَلينُ لَهَا الْحَدِيدُ وأنْتَ قاسِ
بِأَيِّ قُوّى تَظُنُّكَ لَيْسَ تَبْلى ... وقَدْ بَلِيَتْ عَلى الزَّمَنِ الرَّواسي
وما كُلُّ الظُّنونِ تَكُونُ حَقًّا ... ولا كُلُّ الصَّوابِ عَلى الْقِياسِ
وكُلُّ مَخِيَلةٍ رُفِعَتْ لِعَيْنِ ... لَهَا وَجْهَانِ مِنْ طَمَعٍ ويَاسِ
وفِي حُسْنِ السَّرِيرَةِ كُلُّّ أُنْسٍ ... وفِي خُبْثِ السَّرِيرَةِ كُلُّ بَاسِ
ولَمْ يَكُ مُضْمِرٌ حَسَدًا وبَغْيًا ... لِيَنْجُوَ مِنْهُمِا رَأْسًا بِرَاسِ