يا ساكِنَ الدّارَ تَبْنِيها وَتَعْمُرُها ... وَالدّارُ دارُ مَنِياتٍ وَأسْقامِ
لا تَلْعَبَنَّ بِكَ الدُّنْيا وَخُدْعَتُها ... فَكَمْ تَلاعَبَتِ الدُّنْيا بِأقْوامِ
يا رُبَّ مُقْتَصِدٍ عَنْ غَيْر تَجْرِبَةٍ ... ومُعْتَدٍ بَعدَ تَجْريبٍ وإحْكامِ
وَرُبَّ مُكْتَسِبٍ بِالْحِلْمِ واقِيَةً ... وَرُبَّ مُسْتَهْدِفٍ بِالْبَغْيِ لِلرّامي
وقال رحمه الله:
أيا عَجَبَ الدُّنْيا لِعَيْنٍ تَعَجَّبَتْ ... وَيا زَهْرَةَ الأيَامِ كَيْفَ تَقَلَّبَتْ
تُقَلِّبُني الأَيّامُ عَوْدًا وَبَدْأةً ... تَصَعَّدَتِ الأَيامُ لِيْ وَتَصَوَّبَتْ
وَعاتَبتُ أيْامِي عَلى مَا تَروعِني ... فَلَمْ أَرَ أيّامِي مِنَ الرَّوْعِ أَعْتَبتْ
سَأَنْعي إلى الناسِ الشَّبابَ الَّذي مَضى ... تَخَرَّمَتِ الدُّنْيا الشَّبابَ وشَيِّبَت
ولِيْ غايَةٌ يَجْري إلَيْها تَنَفُّسي ... إذا ما انْقَضَتْ تَنْفيسَةٌ لِيْ تَقَرَّبَتْ
وتُضْرَبُ لِي الأَمْثالُ في كُلِّ نَظْرَةِ ... وَقَدْ حَنَّكَتْنِي الحادِثاتُ وَجَرَّبَتْ
تَطَرَّبُ نَفْسي نحْوَ دُنيا دَنِيَّةٍ ... إلى أيِّ دَارٍ وَيْحَ نَفْسي تَطَرَّبَتْ
وأُحْضِرَتِ الشُّحَّ النُّفوسُ فَكُلُّها ... إذا هِيَ هَمَّتْ بالسَّماحِ تَجَنَّبَتْ
لَقَدْ غَرَّتِ الدُّنْيا قُرونًا كَثيرَةً ... وأَتْعَبَتِ الدُّنْيا قُرُوُنًا وأنْصَبَتْ
هِي الدّارُ حادي الْمَوْتِ يَحْدو بأهْلِها ... إذا شَرَّقَتْ شَمْسُ النِّهارِ وَغَربَتْ
بُليتُ مِنَ الدُّنْيا بِغُولٍ تَلَوَّنَتْ ... لَها فِتَنٌ قَدْ فَضَّضَتْها وَذَهَّبَتْ
وما أعْجَبَ الآجالَ في خُدَعاتِها ... ومَا أعْجَبَ الأرْزاقَ كَيْفَ تَسَبَّبَتْ
رَأيتُ بَغيضَ النَّاسِ مَنْ لا يُحِبُّهُمْ ... يَفُوزُ بِحبِّ النَّاسِ نَفْسٌ تَحَبَّبَتْ
وقال رحمه الله:
حِيَلُ الْبِلَى تَأْتِي عَلَى المُحْتَالِ ... ومَسَاكِنُ الدُّنْيَا فَهُنَّ بَوَالِ
شُغِلَ الأُلى كَنَزوا الْكُنوزَ عنِ التُّقى ... وَسَهَوا بِباطِلِهِمْ عَنِ الآجَالِ
سَلِّم على الدُّنْيا سَلامَ مُودَّعٍ ... وارْحَلْ فَقَدْ نُودِيتَ بالتِّرْحالِ