وَإذا ذَكَرْتُكَ يا أُخَيِّ تَقَطَّعَتْ ... كَبِدي فَأُقْلِقَتِ الْجَوانِحُ وَالْحَشَا
وقال رحمه الله تعالى:
لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنوا لِلْخَرابِ ... فَكُلُّكُمُ بَصيرُ إلى ذَهابِ
لِمَنْ نَبني وَنَحْنُ إِلى تُرابٍ ... نَصيرُ كمَا خُلِقْنا مِنْ تُرابٍ
أَلاَ يا مَوْتُ لَمْ أرَ مِنْكَ بُدًّا ... أبَيْتَ فَلا تَحيفُ وَلا تُحابي
كَأَنَّكَ قَدْ هَجَمْتَ عَلى مَشيبي ... كَمَا هَجَمَ الْمَشيبُ عَلى شَبابي
ويَا دُنْيايَ ما لِيَ لا أراني ... أسومُكِ مُنْزِلاً إِلا نبا بي
وَما لِيَ لَسْتُ أحْلُبُ مِنْكَ شَطْرًا ... فَأَحْمَدَ غِبَّ عاقَبِةِ الْحِلابِ
وَما لِيَ لا أُلِحُّ عَلَيْكَ إِلاّ ... بَعَثْتَ الْهَمَّ لي مِنْ كُلِّ بابِ
أراكَ وَإِنْ طُلِبْتَ بِكُلِّ وَجْهٍ ... كَحُلْمِ النَّوْمِ أوْ ظِلِّ السَّحابِ
أوِ الأَمْسِ الَّذي وَلَّى ذَهابًا ... فَلَيْسَ يَعودُ أوْ لُمْعِ السُّراب
وَهذا الْخَلْقُ مِنْكَ عَلى وِفازِ ... وَأرْجُلُهُمْ جَميعًا في الرِّكابِ
وَمَوْعِدُ كُلِّ ذي عَمَلٍ وَسَعْيٍ ... بِما أسْدى غَدًا دارُ الثَّوابِ
تَقَلِّدْتُ الْعِظامَ مِنَ الْخَطايا ... كَأَني قَدْ أمِنْتُ مِنَ الْعِقابِ
ومهما دمت في الدنيا حريصا ... فإني لا أُوَفَّقُ للصواب
سَأسْألُ عَنْ أُمورٍ كُنْتُ فيها ... فَما عُذْري هُناكَ وَما جَوابي
بأَيَّةِ حُجَّةٍ أحْتَجُّ يَوْمَ الْـ ... ـحِسابِ إذ دُعِيْتُ إِلىَ الحِسْابِ
هُما أمْرانِ يُوضِحُ عَنْهُما لي ... كِتابي حينَ أنْظُرُ في كِتابي
فَإما أنْ أُخَلَّدَ في نَعيمٍ ... وَإمّا أنْ أُخَلَّدَ في عَذابِ