لَقَدْ أَملُّوا في الأرضِ بَغْيًا بظُلْمِهم ... وإفسادِهم فيهَا وهَتكِ المَحَارِم
وإهلاكِهم لِلْحَرْثِ والنسلِ جهرةً ... وسَومِهِمُو لِلْخَلقِ سَومَ البَهَائِمِ
فجاءُوا على غيظِ وفَيظِ عَدَاوةٍ ... لِمَنْ قَامَ بالإِسلامِ سَامِي الدعائمِ
يُرِيدُون أنْ يَستأصلُوا الدينَ والهُدَى ... وأنْ يَرفُعوا رَاياتِ باغِ وظَالِمِ
فيبقى ذوُو الإِسلامِ غَرْثَى أَذلَّةً ... وتَعْلُو البَوادِي باجتباءِ المظالمِ
ولِكَنَّهُم والحمدُ للهِ لَمْ تَزَلْ ... بِهمْ خِيفَةٌ مِنْ ماضياتِ المَلاحِمِ
فَمَالُوا إلى الإِسلام بَعْدَ احتفالِهم ... وإعمالِهم لِلْعَمُلاتِ الرَوَاسِمِ
فآبُوا بِحَمْدِ اللهِ لَمْ يُدْرِكُوا المُنى ... وَلكِنَّهُم آبُوا بحُوبِ المآثمِ
فَيَا مِحْنةَ الإِسلامِ مِنْ كُلِّ فاجِرٍ ... وكُلِّ جَهِولِ بالحدُودِ وغَاشمِ
ومِنْ مُدَّعٍ لِلدِّينِ والحقِّ ثُمَّ لا ... يُحَامِي عَنْ الإِسلامِ عِنْدَ التزاحمِ
ومُنتسبٍ لِلْعِلْمِ أَضْحَى بِعلمِه ... يسَوُسُ به الدُّنيا وجَمْعِ الدراهمِ
ولَكِنَّهُ أَضْحَى عَنْ الحقِّ نَاكِبًا ... بتَرْكِ الهُدى مَيلاً إلى كُلِّ ظَالِمِ
سَيَعْلمُ مَنْ أَضْحَى يُقلدَ لِلْهَوَى ... ويَقْرَعُ غَيظًا آسِفًا سِنَ نَادِمِ
ويَسْعى بتَفرِيق الجماعةِ رَاضِيًا ... عنْ الدِّينِ بالدُّنيَا ونَيِلِ المطاعمِ
وَبَا بِعقابِ اللهِ يومَ معادِنَا ... وفي هَذه الدُّنيا بحُوبِ المآثمِ
أَمَا في كِتابِ الله ما كَانَ شَافيًا ... وفي سُنَّةِ المُخْتَارِ صَفْوَةُ آدَمِ
ففي سُورة الشُّورَى بَيانٌ لِمُبتغٍ ... طَريقَ الهُدَى فَاسْأَل بِهَا كلَّ عالِمِ
فَقَد شَرَعَ الله اتباعَ محمَّدٍ ... وإخوانِه واللهُ أَعْدلُ حاكمِ
وفي سُورةِ الأَنعامِ أَوضَحُ حُجَّةٍ ... وأَقطعُها حقًا لِكُلِّ مُخَاصِمِ
وفي آلِ عمرانَ البيانُ وإنَّه ... لأَوضحُ تِبْيَانٍ على أنفِ رَاغِمِ
ويا حَزن الإِسلامِ والدينِ والهُدى ... علَى أَهلهِ السامين أَعْلَى المكَارِمِ ...
وحِزْبُ الإِلهِ الخَائِظِي حَومَةَ الوَغَى ... ويَحْمُونَها بالمُرهفَاتِ الصَّوَارِمِ
ومُنْتَسِبٍ لِلْعِلمِ غَيرَ مُذَبْذًبٍ ... ولا آخذٍ فِي الله لَومَةِ لائمِ