يا ليَتَ شِعْرِي مَا دَهَانِي وما جَرَى؟ ... مَا زِلْتُ حِيًّا أمْ لقِيتُ مَنَونِي؟
عَجَبًا!! أسِجْنٌ ذَاكَ أمْ هُوَ غَابَةُ؟ ... بَرَزَتْ كَوَاسِرُهَا جِيَاعَ بُطُونِ؟
أَأَرَى أَمْ أَرَى شِقَّي رَحَى ... جَبَّارةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ طَحُونِ؟
وَاهًا!! أَفِي حُلْمٍ أَنَا أَمْ يَقْظَةٍ ... أَمْ تِلْكَ دَارُ خَيَالَةٍ وفُتُونِ؟!
لاَ .. لاَ أَشُكُ .. هِيَ الحَقِيقةُ حَيَّةٌ ... أأَشُكُ فِي ذَاتِي وَعَينِ يَقِينِي؟!
هَذِيُ مِقَدِّمَةُ الكِتَابِ فَكَيفَ مَا ... تَحْوي الفُصُولُ السُودُ مِن مَضْمُون؟!
هَذا هُوَ «الحَرْبيُّ» مَعْقِلُ ثَورةٍ ... تَدْعُو إلى التَّحْرِيرِ والتَّكْوِينَ؟!
فِيهِ زَبَانِيةٌ أُعِدُّوَا لِلأْذَى ..... ... وتَخَصَّصُوا في فَنِّهِ المَلْعُونِ
مُتَبلِّدُونَ ... عُقُولُهُم بأُكُفِّهِمْ ... وأكُفُّهُمْ لِلشَّرِّ ذَاتُ حَنِينِ
لا فَرْقَ بَينهُمُو وبَينَ سِيَاطِهِمْ ... كُلٌ أَدَاةٌ فِي يَدَيْ مَأفُونِ!
يَتَلَقَفُونَ القَادِمينَ كَأَنَّهُمْ ... عَثَرُوا على كَنْزِ لَدَيكَ ثِمَينِ
بالرِّجْل .. بالكَربَاج ... بَاليدِ .. بالعَصَا ... وبِكُل أُسْلُوبٍ خَسِيسِ دُومِ .......
لا يَعْبئُونَ بَصَالِحٍ ولَوِ أَنَّهُ ... في زُهْدِ عِيسَى أَو تُقَى هَارُونِ
لا يَرْحَمُونَ الشَّيخَ وهو مُحَطِّمٌ ... والظّهْرُ مِنْهُ تَراهُ كَالعُرْجُونِ
لا يُشْفقُونَ عَلىَ المَرِيضِ وَطالَمَا ... زَادُوا أذاهُ بِقَسْوَة وجُنُونِ
تَاللهِ أَينَ الآدَمِيَّةُ مِنْهُمُو؟ ... مِنْ مِثْلِ مَحْمُودِ ومِن يَاسِينِ؟
مِن جودةٍ أو مِن ديابٍ ومصطفى ... وحمَادةٍ وعَطِيةٍ وأمِينِ
لا تَحْسَبوهُمْ مُسْلِمِينَ مِن اسْمِهمْ ... لاَ دِينَ فِيهمْ غَيرَ سَبِّ الدِينٍ
جَلادُ ثورتِهمْ وسَوطُ عذابهم ... سَمُّوه زُورًا قائِدا لِسَجونِ!
وَجْهٌ عَبُوسٌ قَمْطَرِيٌّ حَاقِدٌ ... مُسْتَكْبِرُ القَسَمَاتِ وَالعَرْنِينِ
فِي خَدِّهِ شَجٌّ تَرَى مِن خَلْفِهِ ... نَفْسًا مُعَقَّدَةً وقَلْبَ لَعِينِ
مُتَعَطِّشٌ لِلَسُّوءِ، فِي الدَّمِ وَالِغٌ ... في الشِّرِ مَنْقُوعٌ، بِهِ مَعْجُونِ
هَذا هُوَ الحِرْبِيٌّ مَعْقِلُ ثَورَةٍ ... تَدْعُو إلى التَّطْوِيرِ والتَحَّسْينِ!
هُوَ صُورَةِ صُغْرَى اسْتَعْيِرَتْ مِن لَظًى ... فِي ضِيقِهَا وعَذَابِهَا المَلْعُونِ
هُوَ مَصْنَعٌ لِلْهَولِ كَمْ أَهْدَى لَنَا ... صُوَرًا تُذَكِّرُنَا بِيَومِ الدِّينِ ...
هُوَ فِتْنَةٌ في الدِينِ لَولاَ نَفْحَةٌ ... مِن فَيضِ إيمَانٍ وبَرْدِ يِقِينِ