طَلائِعُ ضَعْفٍ قَدْ أَغَارَتْ عَلَى القُوى ... وثَارَ بِمْيَدَانِ المِزَاجِ قِتَامُ
فَلاَ هِيَ فِِي بُرْجِ الْجَمَالِ مُقِيْمَةٌ ... ولاَ أَنَا فِي عَهْدِ الْمُجُونِ مُدَامُ
تَقَطَّعَتْ الأَسْبَابُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... ولَمْ يَبْقَ فِيْنَا نِسْبَةٌ وَلِئآمُ
وعَادَتْ قَلُوصُ العَزْمِ عَنِّي كَلِيْلَةً ... وقَدْ جُبَّ مِنْهَا غَارِبٌ وَسَنَامُ
كأنِي بِهَا وَالقَلْبُ زُمَّتْ رِكَابُه ... وقُوِّضَ أَبْيَاتٌ لَهُ وَخِيَامُ
وَسِيْقَتْ إِلَى دَارِ الْخُمُولِ حُمُولُهُ ... يَحُنُّ إِلَيْهَا وَالدُّمُوعُ رُهَامُ
حَنِينَ عجُولٍ غَرَّهَا البَوُّ فانْثَنَتْ ... إليْهِ وَفِيْهَا أَنَّةٌ وضُغَامُ
تَوَلَّتْ ليَالٍ لِلمَسَرَّاتِ وانْقَضَتْ ... لِكُلِ زَمَانٍ غَايَةٌ وَتَمَامُ
فَسَرْعَانَ مَا مَرَّتْ وَوَلَّتْ وَلَيْتَهَا ... تَدُوْمُ وَلَكِن مَا لَهُنَّ دَوَامُ
دُهُورٌ تَقَضَّتْ بِالمسَرَّاتِ سَاعَةً ... وَيَومٌ تَوَلَّى بِالْمَسَاءَةِ عَامُ
فَلِلَّهِ دَرُّ الغَمِّ حَيثُ أَمَدَّنِي ... بِطُولِ حَيَاةٍ وَالْهُمُومُ سِهَامُ
أَسِيْرُ بِتَيْمَاءِ التَّحَيْرِ مُفْرَدًا ... وَلِيْ مَعَ صَحْبِي عِشْرَةٌُ وَنَدَامُ
وكَمْ عِشْرَةٍ مَا أَوْرَثَتْ غَيْرَ عُسْرَةٍ ... وَرُبَّ كَلاِمِ فِي القُلُوبِ كَلاَمُ
فما عِشْتُ لاَ أَنْسَى حُقُوقَ صَنِيْعِهِ ... وَهَيِهَات أَنْ يُنْسَى لَدَيَّ ذِمَامُ
كَمَا اعْتَادَ أَبْنَاءُ الزَّمَانِ وَأَجْمَعَتْ ... عَلَيْهِ فِئَامٌ إثْرَ ذَاكَ قِيَامُ
خَبَتْ نَارُ أَعْلاَمِ الْمَعَارِفِ وَالْهُدَى ... وشُبَّ لِنِيرَانِ الضَّلالِ ضُرَامُ
وكَانَ سَرِيرُ العِلْمِ صَرْحًا مُمَرَّدًا ... يُنَاغِي القِبابَ السَّبْعَ وَهِي عِظامُ
مَتينًا رَفيْعًا لاَ يُطَارُ غُرابُهُ ... عَزيْزًا مَنِيْعًا لاَ يَكَادُ يُرَامُ
يَلُوحُ سَنَا بَرْقِ الهُدَى مِنْ بُرُوْجِهِ ... كَبَرْقٍ بَدَا بَيْنَ السَّحَابِ يُشَامُ
فَجَرَّتْ عَلَيْهِ الرَّاسِيَاتُ ذُيُولَهَا ... فَخَرَّتْ عُرُوْشٌ مِنْهُ ثُمَّ دَعَامُ
وسِيْقَ إِلَى دَارِ الْمَهانَةِ أَهْلُهُ ... مَسَاقَ أَسَيْرٍ لاَ يَزَالُ يُضَامُ
كَذَا تَجْرِيَ الأَيَّامُ بَيْنَ الوَرَى عَلَى ... طَرَائِقَ مِنْهَا جَائِرٌ وَقِوَامُ
فما كُلُّ مَا قَدْ قِيْلَ عِلْمٌ وَحِكْمَةٌ ... ومَا كُلُ أَفْرادِ الحَدِيْدِ حُسَامُ