واسْتَكْثَرَ الزادَ لَمَّا آنسَ السَّفَرا
سُبحانَ مَن زَيَّنَ الأفلاكَ بالشُّهُبِ ... وبَيَّن الدِّينَ بالآياتِ والكُتيبِ
ولَمْ يَدَعْنا لدَى لَهْوٍ وفي لَعِبِ ... لكن نهانا وآتَانَا عَلَى الرَّتَبِ
حتى انتهينا وأذعنّا لِمَا أَمَرَا
سُبحانَ مَنْ جَعَلَ الأشياءَ تَخْتَلِفُ ... فَتَارَةً تَتَنَاءَى ثُم تَأْتَلِفُ
هذا الظلامُ بِنُور الصبُّحِ يَنْصرِفُ ... كَمَا الضَّلالُ لنُورِ العلْمِ لا يَقِفُ
فسَلْه نُورًا يُنِيرُ السَّمْعَ والبَصرَا
سُبحانَ مَنْ خَلَقَ الأخلاقَ والخِلقَا ... والشمسَ والبَدْرَ والظَّلْماء والغَسَقَا
يَروقُكَ الكُلُّ مَجْمُوعًا ومُفْتَرِقَا ... وانْظُرْ لِنَفْسَك واسْلُكْ نَحْوَهُ طُرقَا
فأَسْعدُ الناسِ مَنْ في نَفْسِهِ نَظَرَا
سُبحانَ مُنزلِ ماءِ المُزْنِ في المَطَرِ ... يَرْوِي النباتَ ويَسْقِي يانِعَ الثَّمْرِ
كَأَنَّما الزُّهْرُ تُهْدِيهِ إلى الزَّهَرِ ... إذَا رَأيتَ تَلاقِيهَا عَلى قَدَرِ
رَأَيْتَ صُنَع قَديرٍ أحْكَمَ القَدَرَا
سُبحانَ مَنْ فَجَّر الأنهارَ فانْفَجَرَتْ ... وقَدّرَ الخَيرَ في إجْرائِهَا فَجَرِتْ
فزِينةُ الأرضِ بالأَزْهَارِ قَدْ ظَهَرتْ ... ولِلْبَصِيرَةِ عَيْنٌ كُلَّمَا نَظَرَتْ
رَأَتْ جَمالاًً وإجْمالاً ومُعْتَبرَا
سُبحانَ مَنْ خَلَق الإِنْسَانَ مِن عَلَقِ ... وأعْقَبَ الليلةَ اللَّيْلاءَ بالغَسَقِ
يا بَهجْة الشمسِ دُونِي عُذْتِ مِن فَلَقِ ... ويا سَنَا البَدْرِ عَارِضْ حُمْرةَ الشَّفَقِ
حتى تُعِيدَ لَنَا مِن ليْلِنا سَحَرَا
سُبحانَ مَنْ عَلَّمَ الإِنْسَانَ بالقَلمِ ... وَسلَّطَ الهمَّ والبَلْوى عَلَى الهِمَمِ
فقاوَمَتْها جُنودُ الصَّبْر والكَرَمِ ... ثُمَّ ابْتَلىَ قَلْبَ غَيْرِ العَارف الفَهِمِ
فَمَا أَطاقَ ولا أَوفَى ولا صَبَرَا