فمَا زَالَ يَدْعُو رَبَّهُ لِهُدَاهُمُ ... وإنْ كَانَ قَدْ قَاسَى أَشَدَّ المَتَاعِبِ
ومَا زالَ يَعْفُو قَادرًا مِن مُسِيئِهِمْ ... كما كانَ مِنه عَندَ جَبْذَةَ جَاذِبِ
ومَا زالَ طُولَ العُمرِ للهِ مُعْرِضًا ... عَن البَسْطِ في الدُنيا وعَيشِ المَزَارِبِ
بَدِيعُ كَمَالٍ في المَعالِي فلا امْرؤٌ ... يكُونُ لَهُ مِثْلاً ولا بِمُقَارِبِ
أتَانَا مُقِيمَ الدِينِ مِن بَعدِ فَتْرِةٍ ... وتَحْرِيفِ أدْيَانٍ وطُولِ مَشَاغِبِ
فَيَا وَيلَ قَومٍ يُشْرِكُونَ بِرَبِهم ... وفيهم صُنُوفٌ مِن وَخِيمِ المَثَالِبِ
ودِينُهُم مَا يَفْتَرونَ بِرَأْيِهِم ... كَتَحْرِيمِ حَامٍ واخْتِرَاعِ السَّوائِبِ
ويَا وَيلَ قَومٍ حَرَّفُوا دِينَ رَبِّهِم ... وَأفْتَوا بِمَصْنُوعٍ لِحفْظِ المناصِبِ
ويَا وَيلَ مَن أطْرَى بِوَصْفِ نَبِيِّهِ ... فَسَمَاهُ رَبَّ الخَلْقِ إطْرَاءَ خَائِبِ
ويَا وَيلَ قَومٍ قَدْ أَبَارَ نُفُوسَهُمْ ... تَكَلُّفُ تَزْوِيقٍ وَحُبُّ المَلاَعِبِ
ويَا وَيلَ قَومٍ قَدْ أَخَفَّ عُقُولَهُم ... تَجَبُّرُ كِسْرَى واصْطِلاَمُ الضَّرائِبِ
فأدْرَكَهُم فِي ذَاكَ رَحْمَةُ رَبّنَا ... وقَدْ أَوجَبُوا مِنْهُ أَشَدَّ المَعَائِبِ