فَيُحْصُونَ أَقْوالَ ابْنِ آدَمَ كُلَّهَا ... وأَفْعَالَهُ طُرا فَلا شَيءَ يُهْمَلُ
ولا حَيَّ غَيْرُ اللهِ يَبْقَى وَكُلُّ مَنْ ... سِوَاهُ لَهُ حَوضُ المَنيَّةِ مَنْهَلُ
وإِنَّ نُفُوسَ العَالمَيْنَ بِقَبْضِهَا ... رَسُولٌ مِنَ اللهِ العَظِيْمِ مُوَكَّلُ
ولا نَفْسَ تَفْنَي قَبْلَ إِكْمَالِ رِزْقِهَا ... ولَكِنْ إِذَا تَمَّ الكِتَابُ المُؤَجَّلُ
وسِيَّانِ مِنْهُمْ مَن وَدي حَتْفَ أَنْفِه ... ومَن بالظُبَا وَالسَّمْهَرِيَّةِ يُقْتَلُ
وَإِنَّ سُؤَالَ الفَاتِنَيْنَ مُحَقَّقٌ ... لِكُلِ صَرِيعٍ في الثَّرَى حِيْنَ يُجْعَلُ
يَقُولانِ: مَاذَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ مَا الَّذِي ... تَدِيْنُ؟ ومَن هذا الذي هُوَ مُرْسَلُ؟
فيارَبُّ ثَبّتْنَا عَلَى الحق وَاهْدِنَا ... إِلَيْهِ وَأنْطِقْنَا بِهِ حِيْنَ نُسْأَلُ
وإِنَّ عَذَابَ القَبْرِ حَقٌّ وَرُوحُ مَن ... وَدَى في نَعِيمٍ أَوْ عَذَابٍ سَتجْعَلُ
فأَرْوَاحُ أصحابِ السعادةِ نُعِّمَتْ ... بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ومَا هُوَ أَفْضَلُ
وتَسْرَحُ فِي الجَنَّاتِ تَجْنِي ثِمَارَهَا ... وتَشْرَبُ مِنْ تِلْكَ المِيْاهِ وَتَأْكُلُ
ولَكِنْ شَهِيْدُ الحَرْبِ حَيٌّ مُنَعَمٌ ... فَتَنْعِيْمُهُ لِلرُّوْحِ والجِسْمِ يَحْصُلُ
وأَرْواحُ أَصْحَابِ الشَّقَاءِ مُهَانةٌ ... مُعَذَّبَةٌ لِلْحَشْرِ وَاللهُ يَعْدِلُ
وإِنَّ مَعَادَ الرُّوْحِ وَالجِسْمِ وَاقِعٌ ... فَيَنْهَضُ مَن قَدْ مَاتَ حَيًّا يُهَرْوِلُ
وصِيْحَ بِكْلِّ العَالَمِيْنَ فَأُحْضِرُوا ... وقِيْلَ: قِفُوهُمْ لِلْحِسَابِ لِيُسْأَلُوا
فذَلِكَ يَومٌ لا تُحَدُّ كُرُوْبُهُ ... بِوَصْفٍ فإِنَّ الأَمْرَ أَدْهَى وَأَهْوَلُ
يُحَاسَبُ فِيْهِ المَرْءُ عَنْ كُلِّ سَعْيِهِ ... وكُل يُجَازَى بِالذِي كَانَ يَعْمَلُ
وَتُوْزَنُ أَعْمَالُ العِبَادِ جَمِيْعُهَا ... وقَدْ فَازَ مَن مِيْزَانُ تَقْوَاهُ يَثْقُلُ
وفي الحَسَنَاتِ الأَجْرُ يُلْقَى مُضَاعَفًا ... وبِالمِثْلِ تُجْزَى السَّيِئَاتُ وَتَعْدَلُ
ولا يُدْرِكُ الغُفْرَانَ مَن مَاتَ مُشْرِكًا ... وأَعْمَالُهُ مَرْدُوْدَةٌ لَيْسَ تُقْبَلُ
ويَغْفِرُ غَيْرَ الشِرْكِ رَبِّي لِمَنْ يَشَا ... وحُسْنُ الرَّجَا وَالظَّنِّ باللهِ أَجْمَلُ
وَإِنَّ جِنَانَ الخُلْدِ تَبْقَى وَمَنْ بِهَا ... مُقِيْمًا عَلَى طُوْلِ المَدَى لَيْسَ يَرْحَلُ
أُعِدَّتْ لِمَنْ يَخْشَى الإِلَهُ وَيَتِّقِي ... ومَاتَ عَلَى التَّوحِيدِ فَهُوَ مُهَلَّلُ ...