كَأَنَّهُنَّ بُدُوْر في غُصُوْن نَقَا ... عَلَى كَثِيْبٍ بَدَتْ في ظُلْمَةِ السَّحَرِ
كُلُّ امرِيءٍ مِنْهُمْ يُعْطَى قُوَى مِائَةٍ ... في الأكْلِ والشُرْبِ والإفْضَا بِلاَ خَوَرٍِ
طَعَامُهُمْ رَشْحُ مِسْكٍ كُلَّمَا عَرقُوْا ... عَادَتْ بُطُوْنُهُمُ في هَضْمِ مُنْضَمِرِ
لاَ جُوْعَ لاَ بَرْدَ لاَ هُمٌ وَلاَ نَصبٌ ... بَلْ عَيْشُهُمْ عن جَمِيْعِ النَّائِبَاتِ عَرِي
فِيْهَا الوَصَائِفُ والْغِلْمَانُ تَخْدُمُهُمْ ... كلُؤْلُؤ في كَمَالِ الحُسْنِ مُنْتَثِرِ
فِيْهَا الغِنَا والجَوَارِي الغَانِيَاتُ لَهُمْ ... بأحْسَنِ الذِكْرِ لِلْمَوْلَى مَعَ السَّمَرِ
لِبَاسُهُمْ سُنْدُسٌ حُلاَهُمُ ذَهَبٌ ... وَلُؤْلُؤُ وَنَعِيْمٌ غَيْرُ مُنْحَصِرِ
والذِكْرُ كَالنَّفَسِ الجَارِي بِلاَ تَعَبٍ ... وَنُزِّهُوا عَن كَلاَم اللَّغْوِ والهَذَرِ
وأَكْلُهَا دَائِمٌ لاَ شَيْءَ مُنْقَطِعٌ ... كَرِّرْ أَحَادِيْثَهَا في أَطْيَبِ الخَبَرِ
فِيْهَا مِنَ الخَيْرِ مَا لَمْ يَجْرِ في خَلَدٍ ... وَلَمْ يَكُنْ مُدْرَكًا لِلسَّمْعِ والبَصَرِ