وَذُو الحِجَا يَقْلِهَا زُهْدًا زَيَنْبُذُهَا ... وَرَاءَه نَبْذَةَ الأقْذَارِ في الدِّمَنِ
يَرْميْ بِقَلْبٍ بَصِيْرٍ في مَصَائِرِهَا ... فَلاَ يُصَادِفُ غَيْرَ الهَمِّ وَالحَزَنِ
يَجُولُ بالفِكْرِ في تَذْكَارِ مَنْ صَرَعَتْ ... مِنْ مُؤْثِريْهَا بِسَعْيٍِ القَلْبِِ وَالبَدَنِ
مِمَّنْ أَشَادَ مبَانِيْهَا وَأَحْكَمَهَا ... لِيَسْتَجِنَّ مِنْ الأَقْدَارِ بالجُنَنِ
نَالُوا مَكَارِمَهَا أَحْيَوا مَعَالِمَهَا ... سَلُّوا صَوَارِمَهَا لِلْبَغْيِ وَالظِّغَنِ
رَقَوْا مَنَابِرَهَا قادُوا عَسَاكِرَهَا ... بِقُوَّدٍ وَابْتَنَوا الأمْصَارَ وَالمُدُنِ
وَعَبَّدُوا النَّاسَ حَتَّى أَصْبَحُوا ذُلُلاً ... لأَمْرِهِمْ بَيْنَ مَغْلُوبٍ وَمُمْتَهَنِ
وَجَمَّعُوا المَالَ وَاسْتصْفَوا نَفَائِسَهُ ... لِمُتْعَةِ النَّفْس في مُسْتَقْبَلِ الزَّمَنِ
حَتَّى إِذَا امْتَلَئُوا بِشْرًا بِمَا ظَفِرُوا ... وَمُكَّنُوا مِنْ عُلاهَا أَبْلَغَ المِكَنِ
نَادَاهُمُوا هَادِمُ اللذَّاتِ فاقتَحَمُوا ... سُبْلَ المَمَاتِ فأضْحَوا عِبْرَةَ الفِطَنِ