وَطَارتْ الصُّحْفُ في الأَيْدِي مُنْشَّرَةً ... فِيْهَا السَّرَائرُ وَالأَخْبَارُ تُطَّلَعُ
فكيفَ بِالنَّاسِ وَالأَنْبَاءُ وَاقعَةٌ ... عَمَّا قَلِيْلٍ وَمَا تَدْرِي بِمَا تَقَعُ
أَفِي الجِنَانِِ وَفَوزٍ لا انْقِطَاعَ لَهُ ... أَمْ فِي الجَحِيْمِ فَلا تُبْقِي وَلا تَدَعُ
تَهْوِي بُسُكَّانِهَا طَوْرًا وَتَرْفُعُهُمْ ... إِذَا رَجَوا مَخْرَجًا مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
طَالَ البُكاءُ فَلَم يَنْفَعْ تَضرُّعُهُم ... هَيْهَاتَ لا رِقّةٌ تُغْنِي وَلا جَزَعُ
انْتَهَى
وقال بعضهم مُوَبِّخًا نَفْسَهُ:
دَعِ التَّشَاغُلَ بالْغِزْلَانِ وَالغَزَلِ ... يَكْفِيكَ مَا ضَاعَ مِنْ أَيَّامِكَ الأَوَلِ
ضَيَّعْتَ عُمْرَكَ لا دُنْيَا ظَفْرِتَ بِهَا ... وَكُنْتَ عَنْ صَالِحٍ الأَعمَالِ في شُغُلِ
تَرَكْتَ طُرْقَ الهُدَى كالشمسِ واضِحَةٍ ... وَمِلْتَ عنها لِمُعْوَجٍّ مِنَ السُّبُلِ
وِلم تَكُنْ نَاظَرًا في أمْرِ عَاقَبَةٍ ... أَأنْتَ في غَفْلَةٍ أم أَنْتَ في خَبَلِ
يَا عَاجِزًا يَتَمَادَى في مُتَابَعَةِ النَّـ ... نَفْسِ اللجُوجِ ويَرْجُو أَكْرَمَ النُّزلِ
هِلا تَشَبَّهْتَ بالأكياسِ إِذْ فَطِنُوا ... فَقَدَّمُوا خَيْرَ مَا يُرْجَى مِنَ العَمَلِ
فَرَّطْتَ يَا صَاحِ فَاسْتَدْرِكْ عَلَى عَجَلٍ ... إِن المَنِيَّةَ لا تَأتِي عَلَى مَهَلِ
هَلْ أَنْذَرَتْكَ يَقِينًا وَقْتَ زَوْرَتِهَا ... أَوْ بَشَّرَتْكَ بِعُمْر غَيْرِ مُنْفَصِلِ
هَيْهَات هَيْهَاتَ مَا الدُّنْيَا بِبَاقِيَةٍ ... ولا الزَّمَانُ بِمَا أمَّلْتَ فيه مَلي
لا تَحْسَبَنَّ الليَالِي سَالَمَت أَحَدًا ... صَفْوًا فَمَا سَالَمَتْ إِلا على دَخَلِ ...
ولا يَغُرَّنْكَ مَا أُوِليتَ مِنْ نِعَمٍ ... فَهَلْ رَأَيْتَ نَعِيمًا غَيْرَ مُنْتَقِلِ