أَصَارَتْهُ مِنْ بَعْدِ الحَيَاةِ بِوَهْدَةٍ ... لَهُ مِنْ ثَرَاهَا آخِرَ الدَّهْرِ مَضْجَعُ
تَسَاوَى بِهَا مَنْ حَلَّ تَحْتَ صَعِيْدِهَا ... عَلَى قُرْبِ عَهْدٍ بِالمَمَاتِ وَتُبَّعُ
فَسِيَّانِ ذُو فَقْرٍ بِهَا وَذَووا الغِنَى ... وَذُوْ لَكَنْ عِنْدَ المَقَالِ وَمِصْقَعُ
وَمَنْ لَمْ يَخَفْ عِنْدَ النَّوَائِب حَتْفَهُ ... وَذُوْ جُبُنٍ خَوْفًا مِنَ المَوْتِ يُسْرِعُ
وَذُوْ جَشَعٍ يَسْطُو بِنَابٍ وَمَخْلَبٍ ... وَكُلُّ بُغَاثٍ ذَلَّةً لَيْسَ يَمْنَعُ
وَمَنْ مَلَكَ الآفَاقَ بَأْسًا وَشِدَّةً ... وَمَنْ كَانَ مِنْهَا بِالضَّرُوْرَةِ يَقْنَعُ
وَلَوْ كَشَفَ الأَجْدَاثَ مُعْتَبِرًا لَهُمْ ... لِيَنْظُرَ آثَارَ البِلَى كَيْفَ يَصْنَعُ
لِشَاهَدَ أَحْدَاقًا تَسِيْل وَأَوْجُهًا ... مُعَفَّرَةً في التُّرْبِ شُوهًا تُفَزعُ
غَدَتْ تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى مُكْفَهِرَّةً ... عَبُوْسًا وَقَدْ كَانَتْ مِنَ البِشْرِ تَلْمَعُ
فَلَمْ يُعْرَفِ المَوْلَى مِنَ العَبْدِ فِيْهِم ... وَلا خَامِلاً مِنَ نَابِهٍ يَتَرَفَّعُ
وَأَنَّى لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ بَعْدَمَا ... تَبَيَّنَ مِنْهُم مَا لَهُ العَيْنُ تَدْمَعُ
رَأَى مَا يَسُوءُ الطَّرْفَ مِنْهُم وَطَالَمَا ... رَأَي مَا يَسُرُّ النَّاظِرِيْنَ وَيُمْتِعُ
رَأَى أَعْظُمًا لا َتْسَتطِيْعُ تَمَاسُكًا ... تَهَافَتَ مِنْ أَوْصَالِهَا وَتَقَطَّعُ ...