فَدَعْ دُمُوعَكَ تَجْرِي ... إنَّ الحِسَابَ شَدِيدْ
كُلُّ القُلُوبِ قَدْ لاَنَتْ ... إلاَّ قَلْبَكْ كَالحَدِيدْ
نَسْيِتَ يَومَ التَّلاَقي ... إذِ القَلْبُ في الوَرِيدْ
نَسِيتَ يَومَ المَجْيءِ ... مَعَ السَّائِقِ والشَّهِيدْ
قُلْ لِي بِرَبِّكَ مَاذَا ... تَرَى حَالَةَ العَبِيدْ
إذَا جِيءَ بِجَهَنَّمْ ... أمَامَ كُلِّ شَهِيدْ
وقد جَاءَتْ تَشْهُقْ غَيظًا ... عَلَى الكَافِرِ العَنِيدْ
ورآهَا كُلُّ مُجْرِمْ ... ولا عَنْهَا مِن مَحِيدْ
يَومَ المَمَرِّ حُفَاةً ... عَلَى الصِرَاطِ المَدِيدْ
وَهُنَاك تَتَذكَّرْ ... قَولَ النَّاصِحِ الرَّشِيدْ
لأنَّ الحَالَة قَدْ فاتَتْ ... عَلَى المُشْرِكِ العَنِيدْ
ولَو مِلْءُ الأرضِ يَبْذِلْ ... مِن التَّالِدْ والجَدِيدْ
فَلَنْ يُقْبَلْ ذَاكَ مِنْهُ ... لِفَوتِ الأمْرِ لأكَيدْ
وَلَنْ يَنْجُو سِوَى شَخْصٍ ... أطَاعَ الرَّبَّ الحَمِيدْ
وقال آخر:
شبابٌ تَولَّى ما إليهِ سَبِيلُ ... وشَيبٌ تَبدَّى لَيسَ منهُ مُقْيِلُ
فَهَذَا كَلَيلِ الوَصْلِ لَونًا ومُدَّةً ... وذَا كَنَهارِ الهَجْرِ فهْو طَوِيلُ
فأَطْيَبُ عَيشِ المرءِ عَصْرُ شَبَابِهِ ... ومِنْ سَعْدِه لَو مَاتَ حِينَ يَزُولُ
فلا تحْسَبَنَّ العمرَ بَعْدَ شَبِيبَةٍ ... فَكُلُّ حَياةٍ بَعْدَ ذَاكَ فُضُولُ
إذَا الشيخُ أثْرَى فهْو أفقرُ مُعْدِمٍ ... وإن صَحَّ بَعدَ الشَّيبِ فهْو عَلِيلُ
بَكَى النَّاسُ أيامَ الشَّبيبةِ قَبْلَنَا ... بُكَاءً أطالُوا فيه وهْو قَلِيلُ