والعقل ونحو ذلك، ومخالفٌ لمقاصد الشرع من المحافظة على الكليات الخمس المعروفة، ومن مجيء الشارع باليسر والسماحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: (إن الدين يسرٌ) .
الثاني: ما كان بمباشرته مشقة عظيمة، ولكنها ليست كالمشقة في القسم الأول من كون مباشرتها قد يتْلِف الجوارح والنفس ونحو ذلك، فللعبد خيارٌ بين أمرين عقلا وشرعا.
فأما الأول: فهو عدم فعلها ومباشرتها؛ لأنها مشقة تجلب التيسير كالفطر في نهار صائف شديد الحرارة حال السفر والجهاد، ومنه ما جاء في: "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من البر الصيام في السفر) .
وأما الثاني: فهو أن يباشر العبد هذه المشاق، محتملا ما فيها من عنت، ثم لعله يحظى بأجر زائد كما ذهب إليه بعض الفقهاء، وهو مبني على قاعدة: الثواب على قدر المشقة، قال شيخ الإسلام في: "المجموع": (وهي قاعدة لا تصح بهذا الإطلاق) ، يعني- رحمه الله- أن فيها تفصيلا، فليس الثواب متعلقا بالمشقة مطلقا، وليس الثواب منفيا عن وجود المشقة مطلقا، بل قد يكون بقوة الإخلاص والصدق، واللُجأ في العبادة، وقد يكون بالمشقة والبلاء في العبادة والجهاد.
وذكر الشاطبي في: "الموافقات" مثالا على ذلك -أعني القسم الثاني- وهو ما يفعله بعض الزهاد والعبّاد من السلف الصالح