أما الحقيقة فظاهرا، وأما الحكم فمثاله: كأن ينوي المُكَلَّف صلاة العصر، وهو يتوضأ وضوء صلاة، ولم يحدث بعد هذا الوضوء ما ينافي جنس الصلاة، ثم شرع في صلاة العصر دون حضور الذهن لنية، فإنه نَاوٍ حكما، وهذا كله في العبادات المؤقتة بوقت وكانت مفروضة وواجبة كالصلوات الخمس، وأما النوافل فالأمر فيها واسع، فقد ينوي الصيام النفلَ المُكَلَّفُ من وسط النهار بعد أن كان ممسكا لحاجة أو عذر، لا ينوي بذلك الإمساك صياما، ويدل على ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي أهل بيته، فإذا لم يجد عنده طعاما قال: (إني صائم) .
المسألة الثالثة: وهي أن النية تنقض بالمشاركة أو الاشتراك إذا كان يقصد به التقرب أو الثواب، وهذا ما يسمى بمسائل مصاحبة الرياء للعمل:
والحق أن فيه تفصيلاً نص عليه الإمام أحمد، وابن جرير -رحمهما الله تعالى-، وقرره ابن رجب في: "شرح الأربعين"، وحاصله: أن العبادة إما أن ينبني آخرها على أولها، أو تكون منفصلة مُجَزَّأة، مثال الأولى: الصلاة، ومثال الثانية: الحج والصوم.
فأما الأولى: فإما أن ينوي صاحبها بها غير وجه الله، أو مع الله آخر، فهذه باطلة باتفاق ولا يكاد يفعله مؤمن، وإما أن يصحب الرياء أصل العمل، فالصحيح من قولي أهل العلم أن العمل باطل لأن المبني على فاسد فاسدٌ مثله، وإما أن يعرض الرياء للعمل فله