وأما النظر: فقالوا: إن اجتماع جارحتين في عمل النية آكد وأولى من عمل جارحة واحدة, فاجتماع اللسان والقلب بالتلفظ بالنية آكد وأولى من انفراد القلب بها.
ولكن هذه الحجج مردودة, فأما الخبر: ففرق بين التلبية والنية, فالتلبية شعيرة النسك, وهي تحدث بعد نية العمل, فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نوى العمرة والحج, وأحرم بذلك قبل التلبية, والأصل في النية أن تصحب العمل.
ويدل على ذلك ما صح عن ابن عمر-رضي الله عنهما- أنه أنكر على رجل قال: اللهم إني أريد حجا أو عمرة، قال ابن رجب في: " شرح الأربعين": (هذا خبر صحيح عنه) .
وأما النظر، فهو إعمال الرأي في غير محله, إذ الأصل في العبادات التوقف، ولو كان الأمر مستحبا لعملت به القرون الفاضلة، قال ابن القيم في "الهدي": لم يأت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحبه -رضوان الله عليهم- ولا التابعين، ولا الأئمة المتبوعين؛ أنهم تلفظوا بالنية أو رأى أحد منهم استحبابها، ولذلك جزم شيخ الإسلام ببدعية ذلك، وقال بذلك جمهرة من المالكية، وهذا الصحيح عن الحنابلة.
المسألة الثانية: في وقت النية:
الأصل أن النية تصحب العمل من أول وقته حكما لا حقيقة،