والمنزلة عند الله، وهو كلماته الدينية والقدرية الكونية عند الله بكلماته الكونيات، ومعجزات الأنبياء عليهم السلام تجمع الأمرين، فإنهما حجة على النبوة من الله وهي قدرة. وأبلغ ذلك القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه هو شرع الله وكلماته الدينيات، وهو حجة محمد صلى الله عليه وسلم على نبوته ومجيئه من الخوارق للعادات. فهو الدعوة وهو الحجة والمعجزة.

وأما القسم الثاني فمثل من يعلم بما جاء به الرسول خبراً وأمراً ويعمل به ويأمر به الناس، ويعلم بوقت نزول المطر وتغير السعر، وشفاء المريض، وقدوم الغائب، ولقاء العدو، وله تأثير إما في الأناسي، وإما في غيرهم بإصحاح وإسقام وإهلاك، أو ولادة أو ولاية أو عزل. وجماع التأثير إما جلب منفعة كالمال والرياسة، وإما دفع مضرة كالعدو والمرض، أو لا واحد منهما مثل ركوب أسد بلا فائدة، أو إطفاء نار ونحو ذلك.

وأما الثالث فمن يجتمع له الأمران، بأن يؤتى من الكشف والتأثير الكوني، ما يؤيد به الكشف والتأثير الشرعي. وهو علم الدين والعمل به، والأمر به، ويؤتى من علم الدين والعمل به، ما يستعمل به الكشف والتأثير الكوني، بحيث تقع الخوارق الكونية تابعة للأوامر الدينية، أو أن تخرق له العادة في الأمور الدينية، بحيث ينال من العلوم الدينية، ومن العمل بها، ومن الأمر بها، ومن طاعة الخلق فيها، ما لم ينله غيره في مطرد العادة، فهذه أعظم الكرامات والمعجزات وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق وعمر وكل المسلمين.

فهذا القسم الثالث هو مقتضى (إياك نعبد وإياك نستعين) إذ الأول هو العبادة، والثاني هو الاستعانة، وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والخواص من أمته المتمسكين بشرعته ومنهاجه باطناً وظاهراً، فإن كراماتهم كمعجزاته لم يخرجها إلا لحجة أو حاجة، فالحجة ليظهر بها دين الله ليؤمن الكافر ويخلص المنافق ويزداد الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015