تأبير النخل. فما يلزم الكامل أن يكون له التقدم في كل شيء وفي كل مرتبة. وإنما نظر الرجال إلى التقدم في مرتبة العلم بالله، هنالك مطلبهم، وأما حوادث الأكوان فلا تعلق لخواطرهم بها، فتحقق ما ذكرناه.
" ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى موضع لبنة فكان النبي صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة، غير أنه صلى الله عليه وسلم لا يراها إلا كما قال لبنة واحدة. وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤية ما مثل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرى في الحائط موضع لبنتين واللبن من ذهب وفضة فيرى اللبنتين اللتين ينقص الحائط عنهما ويكمل بهما لبنة ذهب ولبنة فضة، فلا بد من أن يري نفسه تنطبع في موضع تينك اللبنتين فيكون خاتم الأولياء تينك للبنتين، ليكمل الحائط.
" والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أنه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر، وهو موضع اللبنة الفضة وهو ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام، كما هو آخذ عن الله تعالى في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبع فيه، لأنه رأى الأمر على ما هو عليه، فلا بد أن يراه هكذا وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن، فإنه آخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول.
" فإن فهمت ما أشرت به فقد حصل لك العلم النافع فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين وإن تأخر وجود طينته، فإنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى الله عليه وسلم " كنت نبياً وآدم بين الماء والطين " وغيره من الأنبياء ما كان نبياً إلى حين بعث. وكذلك خاتم الأولياء كان ولياً وآدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان ولياً إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية والاتصاف بها من أجل كون الله يسمى بالولي الحميد.
" فخاتم الرسل من حيث ولايته نسبته مع الختم للولاية مثل نسبة الأنبياء والرسل