عينه قبل وجودها ويعلم أن الحق لا يعطيه إلا ما أعطاه عينه من العلم به، وهو ما كان عليه في حال ثبوته، فيعلم علم الله به من أين حصل، وما ثم صنف من أهل الله أعلا وأكشف من هذا الصنف، فهم الواقفون على سر القدر، وهم على قسمين: منهم من يعلم ذلك مجملاً، ومنهم من يعلم ذلك مفصلاً، والذي يعلمه مفصلاً أعلا وأتم من الذي يعلمه مجملاً، فإنه يعلم ما تعين في علم الله فيه، إما بإعلام الله إياه بما أعطاه عينه من العلم به، وإما بأن يكشف له عن عينه الثابتة وغن انتقالات الأحوال عليها إلى ما لا يتناهى، وهو أعلا، فإنه يكون في علمه بنفسه بمنزلة علم الله به، لأن الأخذ من معدن واحد، إلا أنه من جهة العبد عناية من الله سبقت له هي من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف إذا أطلعه الله على ذلك (أي على أحوال عينه) فإنه ليس في وسع المخلوق إذا أطلعه الله على أحوال عينه الثابتة التي تقع صورة الوجود عليها أن يطلع في هذه الحال على اطلاع الحق على هذه الأعيان الثابتة في حال عدمها، لأنها نسب ذاتية لا صورة لها، فبهذا القدر نقول: أن العناية الإلهية سبقت لهذا العبد بهذه المساواة في إفادتها العلم، ومن هنا يقول (الله حتى نعلم) وهي كلمة محققة المعنى، ما هي كما يتوهم من ليس له هذا المشرب، وغاية المنزه أن يجعل ذلك الحدوث في العلم للتعلق، وهو أعلا وجه يكون للمتكلم يعقله في هذه المسألة، لولا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات، وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف والوجود.
ثم نرجع إلى الأعطيات فنقول: إن الأعطيات إما ذاتية أو اسمائية، فأما المنح والهبات والعطايا الذاتية فلا تكون أبداً إلا عن تجلي إلهي، والتجلي من الذات لا يكون أبداً إلا لصورة استعداد العبد المتجلى به، وغير ذلك لا يكون، فإذن المتجلى له ما رأى سوى صورته في مرآة الحق وما رأى الحق ولا يمكن أن يراه مع علمه أنه ما رأى صورته إلا فيه، كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصور فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها، فأبرز الله ذلك مثالاً نصبه لتجليه