من قال والصغيرة - لا تجامع الإيمان أبداً بل تنافيه وتفسده كما يفسد الأكل والشرب الصيام، قالوا: والإيمان هو فعل المأمور وترك المحظور فمتى بطل بعضه بطل كله كسائر المركبات فيكون العاصي كافراً لأنه ليس إلا مؤمن أو كافر، وقالت المعتزلة: ننزله منزلة بين المنزلتين: نخرجه من الإيمان ولا ندخله في الكفر، وقابلتهم المرجئة والجهمية ومن اتبعهم من الأشعرية والكرامية فقالوا: ليس من الإيمان فعل الأعمال الواجبة ولا ترك المحظورات البدنية فإن الإيمان لا يقبل الزيادة ولا النقصان، بل هو شيء واحد يستوي فيه جميع المؤمنين من الملائكة والمقتصدين والمقربين والظالمين.
وأما السلف والأئمة فاتفقوا على أن الإيمان قول وعمل، فيدخل في القول قول القلب واللسان، وفي العمل عمل القلب والأركان، وقال المنتصرون لمذهبهم (?) أن للإيمان أصولاً وفروعاً وهو مشتمل على أركان وواجبات ومستحبات بمنزلة اسم الحج والصلاة وغيرها من العبادات، فإن اسم الحج يتناول كل ما يشرع فيه من فعل أو ترك مثل الإحرام ومثل ترك محظوراته والوقوف بعرفة ومزدلفة ومنى والطواف بالبيت وبين الجبلين المكتنفين له وهما الصفا والمروة. ثم الحج مع هذا اشتمل على أركان متى تركت لم يصح الحج كالوقوف بعرفة، وعلى ترك محظور متى فعله فسد حجه وهي الوطء، ومشتمل على واجبات من فعل وترك يأثم بتركها عمداً، ويجب مع تركها لعذر أو غيره الجبران بدم، كالإحرام من المواقيت المكانية، والجمع بين الليل والنهار بعرفة، وكرمي الجمار ونحو ذلك، ومشتمل على مستحبات من فعل وترك يكمل الحج بها ولا يأثم بتركها ولا توجب دماً، مثل رفع الصوت بالإهلال والإكثار منه وسوق الهدي وذكر الله ودعائه في تلك المواضع، وقلة الكلام إلا في أمر أو نهي أو ذكر: من فعل الواجب