ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا " وفي قوله: " يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا " الآية. وكذلك من اتبع الظنون والأهواء معتقداً أنها عقليات وذوقيات فهو ممن قال الله فيه: " إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى " وإنما يفصل بين الناس فيما تنازعوا فيه الكتاب المنزل من السماء والرسول المؤيد بالمعجزات كما قال تعالى: " فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " وقال: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً " وقال: " بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه " الآية. وقال: " إن الذين آمنوا والذين هادوا " الآية. فأخبر سبحانه عمن مضى ممن كان متمسكاً بدين حق من اليهود والنصارى والصابئين وعن المؤمنين بعد مبعث محمد من جميع الأمم إن من تلبس بهذه الخصال من سائر الأمم وهي جماع الصلاح وهي الإيمان بالله والبعث والمعاد والإيمان بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وهو أداء المأمورات وترك المحظورات فإن له أجره عند ربه ولا خوف عليه مما أمامه ولا يحزن على ما وراءه، وإسلام الوجه هو إخلاص الدين لله وهو عبادته وحده لا شريك له وهو حقيقة قول: " إياك نعبد وإياك نستعين " وهو محسن، فالأول وهو إسلام الوجه وهو النية وهذا الثاني وهو الإحسان هو العمل الصالح. وهذا الذي ذكره في هاتين الآيتين هو الإيمان العام والإسلام العام الذي أوجبه على جميع عباده من الأولين والآخرين، وهو دين الله العام الذي بعث به جميع الرسل وأنزل به جميع الكتب.

فكان أول بدعة حدثت في هذه الأمة بدعة الخوارج المكفرة بالذنوب فإنهم يكفرون الفاسق الملي، فزعمت الخوارج والمعتزلة أن الذنوب الكبيرة - ومنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015