باتفاق أهل العلم وقد ثبت في الصحيح عن عائشة لما قيل لها إن ابن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه وما اعتمر في رجب قط ما اعتمر إلا وهو معه. وفي رواية عن عائشة قالت: لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة وكذلك عن ابن عباس رواهما ابن ماجة.
وقد روى أبو داود عنها قالت: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرتين عمرة في ذي القعدة وعمرة في شوال، وهذا إن كان ثابتاً عنها فلعله ابتداء سفره كان في شوال ولم تقل قط أنه اعتمر في رمضان فعلم أن ذلك خطأ محض.
وإذا ثبت بالأحاديث الصحيحة أنه لم يعتمر إلا في ذي القعدة وثبت أيضاً أنه لم يسافر من المدينة إلى مكة ودخلها إلا ثلاث مرات عمرة القضية ثم غزوة الفتح ثم حجة الوداع وهذا مما لا يتنازع فيه أهل العلم بالحديث والسيرة وأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسافر في رمضان إلى مكة إلا غزوة الفتح كان كل من هذين دليلاً قاطعاً على أن هذا الحديث الذي فيه أنها اعتمرت معه في رمضان وقالت: أتممت وصمت فقال: أحسنت، خطأ محض. فعلم قطعاً أنه باطل لا يجوز لمن علم حاله أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: " من روى عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " ولكن من حدث من العلماء الذين لا يستحلون هذا فلم يعلموا أنه كذب.
فإن قيل فيكون قوله في رمضان خطأ وسائر الحديث يمكن صدقه قيل بل جميع طرقه تدل على أن ذلك كان في رمضان لأنها قالت: قلت أفطرت وصمت وقصرت وأتممت فقال: أحسنت يا عائشة، وهذا إنما يقال في الصوم الواجب. وأما السفر في غير رمضان فلا يذكر فيه مثل