اتفق عليها أهل العلم به إنما اعتمر بعد الهجرة أربع عمر منها ثلاث في ذي القعدة، والرابعة مع حجته: عمرة الحديبية لما صده المشركون فحل بالحديبية بالاحصار ولم يدخل مكة، وكانت في ذي القعدة، ثم اعتمر في العام القابل عمرة القضية، وكانت ذي القعدة أيضاً، ثم لما قسم غنائم حنين بالجعرانة اعتمر من الجعرانة، وكانت عمرته في ذي القعدة أيضاً، والرابعة مع حجته، ولم يعتمر بعد حجه لا هو ولا أحد ممن حج معه إلا عائشة لما كانت قد حاضت وأمرها أن تهل بالحج، ثم اعمرها مع أخيها عبد الرحمن من التنعيم، ولهذا قيل لما بني هناك من المساجد مساجد عائشة فإنه لم يعتمر أحد من الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا قبل الفتح ولا بعده عمرة من مكة إلا عائشة، فهذا كله تواترت به الأحاديث الصحيحة مثل ما في الصحيحين عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجه: عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة في ذي القعدة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته. وهذا لفظ مسلم. ولفظ البخاري اعتمر أربعاً عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون، وعمرة في العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم، وعمرة حنين من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين وعمرة مع حجته.
وفي الصحيحين عن البرآء بن عازب قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين. وهذا لفظ البخاري. وأراد بذلك العمرة التي أتمها وهي عمرة القضية والجعرانة، وأما الحديبية فلم يمكن إتمامها بل كان منحصراً لما صده المشركون وفيها أنزل الله آية الحصار