قيل المكان الذي يسافرون إليه ليس بموضع مقام قيل بل كان هناك قرية نمرة والنبي صلى الله عليه وسلم لم يزل بها وكان بها أسواق وقريب منها عرنة التي تصل واديها بعرفة لأنه لا فرق بين السفر إلى بلد تقام فيه وبلد لا تقام فيه إذا لم يقصد الإقامة فإن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين سافروا إلى مكة وهي بلد يمكن الإقامة فيه وما زالوا مسافرين في غزوهم وحجهم وعمرتهم، وقد قصر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في جوف مكة عام الفتح وقال: " يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر " وكذلك عمر بعده فعل ذلك رواه مالك بإسناد صحيح ولم يفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر بمنى (?) ، ومن نقل ذلك عنهم فقد غلط وهذا بخلاف خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبا كل سبت راكباً وماشياً وخروجه إلى الصلاة على الشهداء فإنه قبل أن يموت بقليل صلى عليهم وبخلاف ذهابه إلى البقيع وبخلاف قصد أهل العوالي المدينة ليجمّعوا (?) بها فإن هذا كله ليس بسفر فإن اسم المدينة متناول لهذا كله وإنما الناس قسمان الأعراب وأهل المدينة ولأن الواحد منهم يذهب ويرجع إلى أهله في يومه من غير أن يتأهب لذلك أهبة السفر فلا يحمل زاداً ولا مزاداً لا في طريقه ولا في المنزل الذي يصل إليه ولهذا لا يسمى من ذهب إلى ربض مدينته مسافراً ولهذا تجب الجمعة على من حول المصر عند أكثر العلماء وهو يقدر بسماع النداء وبفرسخ ولو كان ذلك سفراً لم تجب الجمعة على من ينشئ لها سفراً فإن الجمعة لا تجب فكيف يجب أن يسافر لها وعلى هذا فالمسافر لم يكن مسافراً لقطعه مسافة محدودة ولا