ما حول المصر من البساتين والمزارع تابعة له فهم يجعلون ذلك كذلك وإن طال ولا يجدون فيه مسافة وهذا كما أن المخاليف وهي الأمكنة التي يستخلف فيها من هو خليفة عن الأمير العام بالمصر الكبير، وفي حديث معاذ من خرج من مخلاف إلى مخلاف يدل على ذلك ما رواه محمد بن بشار: حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا شعبة سمعت قيس بن عمران بن عمير يحدث عن أبيه عن جده أنه خرج مع عبد الله بن مسعود وهو رديفه على بغلة له مسيرة أربعة فراسخ فصلى الظهر ركعتين، قال شعبة: أخبرني بهذا قيس بن عمران وأبوه عمران بن عمير شاهدوا عمير مولى ابن مسعود، فهذا يدل على أن ابن مسعود لم يحد السفر بمسافة طويلة ولكن اعتبر أمراً آخر كالأعمال وهذا أمر لا يحد بمسافة ولا زمان لكن بعموم الولايات وخصوصها مثل من كان بدمشق فإذا سافر إلى ما هو خارج عن أعمالها كان مسافراً. وأصحاب هذه الأقوال كأنهم رأوا ما رخص فيه للمسافر إنما رخص فيه للمشقة التي تلحقه في السفر، واحتياجه إلى الرخصة، وعلموا أن المنتقل في المصر الواحد من مكان إلى مكان ليس بمسافر، وكذلك الخارج إلى ما حول المصر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج إلى قبا كل سبت راكباً وماشياً، ولم يكن يقصر وكذلك المسلمون كانوا يتناوبون الجمعة من العوالي، ولم يكونوا يقصرون فكان المنتقل في العمل الواحد بهذه المثابة عندهم.

وهؤلاء يحتج عليهم بقصر أهل مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة ومنى، مع أن هذه تابعة لمكة ومضافة إليها وهي أكثر تبعاً لها من السواد للكوفة وأقرب إليها منها فإن بين باب شيبة وموقف الإمام بعرفة عند الصخرات التي في أسفل جبل الرحمة بريد بهذه المسافة وهذا السير وهم مسافرون وإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015