لقوله –تعالى-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ} 1 والإسلام هو الإيمان من وجهين.

"الأول": أن الإيمان لو كان غير الإسلام لما كان مقبولا عند الله لقوله –تعالى-: {مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} 2 ولكن الإيمان بالإجماع مقبول عند الله، فلا شك أنه عين الإسلام كما هو ظاهر.

"والوجه الثاني": قوله –تعالى-: {أَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} 3.

وقال بعضهم: الإشارة في ذلك راجعة إلى الإخلاص من قوله –تعالى-: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 4 وأما مجموع ما تقدم فهو الدين الكامل أي: المستقل بنفسه.

"والشرط الثاني": متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، كما قال –تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} 5 وقال –تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 6.

أولو الأمر الذين أمر الله بطاعتهم

قال الأخفش في قوله: "عن أمره" صلة، والمعنى يخالفون أمره صلى الله عليه وسلم وقال غيره: عن أصلية، والمعنى يعرضون عن أمره، ويميلون عن سنته، وقال –تعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 7.

وكان سبب نزول قوله –تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ} 8 الآية، أنه كان صلى الله عليه وسلم يُعَرِّضُ في الخطبة بالمنافقين ويعيبهم، فإذا سمع المنافقون ذلك خرجوا ولم يصلوا.

"والثانية": نزلت في أموال الفيء والغنيمة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهو عام في كل ما أمر به صلى الله عليه وسلم ونهى عنه من قول وعمل، كما هو جارٍ في جميع الخطاب المتعلق بأفعال المكلفين، فكيف وقد أوجب الله طاعته بقوله –تعالى-: {اأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} 9؟ قال ابن عباس وجابر: "هم الفقهاء والعلماء الذين يُعَلِّمُون الناس معالم دينهم على شريعته ومنهاجه"، وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد مستدلين على ذلك بقوله: {وَلَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015