مناقضا له، فإنه نهى عن الصلاة إليها، وهؤلاء يصلون عندها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد، ويسمونها مشاهد مضاهاة لبيوت الله، ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها، ونهى أن تُتَّخَذَ عيدا، وهؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك يجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر، وأمر بتسويتها وهؤلاء يرفعونها ويبنون عليها القباب، ونهى عن الكتابة عليها، وهؤلاء يكتبون عليها القرآن وغيره، ونهى أن يزاد عليها غير ترابها، وهؤلاء يزيدون سوى التراب والآجر والأحجار والجص، فأهل الشرك مناقضون لما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في أهل القبور، وفيما نهى عنه، محادون له في ذلك.
فإذا نهى الموحدون عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعظيمها، والصلاة عندها، وإسراجها، والبناء عليها، والدعاء عندها، وما هو أعظم من ذلك، مثل بناء المساجد عليها ودعائها، وسؤالها قضاء الحاجات، وإغاثة اللهفات، غضب المشركون، واشمأزَّت قلوبهم، وقالوا: قد تنقَّص أهل الرتب العالية، وزعم أنهم لا حرمة لهم ولا قدر، وسرى ذلك في نفوس الجهال الطغام حتى عادوا أهل التوحيد، ورموهم بالعظائم، ونفَّروا الناس عن دين الإسلام، ووالوا أهل الشرك وعظَّموهم {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} 1.
فصل في إتيان القبور في يوم معلوم
وأما قوله: "فلكل شيخ يوم معروف، في شهر معلوم، يُؤْتَى إليه من النواحي، وقد يحضر بعض العلماء فلا ينكر" فنقول:
أما قوله: "فلكل شيخ يوم معروف، في شهر معلوم" فقد قدَّمنا الجواب عن ذلك، وبينا أن ذلك من اتخاذها أعيادا، وأنه مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن العيد