وتصديقه ومتابعته؛ ولهذا قَرَنَ الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ َحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 1 كما قَرَنَ طاعته بطاعة رسوله في مواضع كثيرة.
وقال صلى الله عليه وسلم "ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار" 2.
هذه حال السحرة لما سكنت المحبة قلوبهم سمحوا ببذل نفوسهم، وقالوا لفرعون: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} 3.
ومتى تمكنت المحبة في القلب، لم تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب، وهذا هو معنى الحديث الإلهي الذي خرَّجه البُخَارِيُّ في صحيحه، وفيه: "ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها" 4 وقد قيل في بعض الروايات: "فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يمشي".
والمعنى أن محبة الله -إذا استغرق بها القلب واستولت عليه- لم تنبعث الجوارح إلا إلى رضاء الرب، وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة مولاها عن مرادها وهواها.
يا هذا، اعبد الله لمراده منك لا لمرادك منه، فمن عبده لمراده منه فهو ممن يعبد الله على حرف {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} 5 ومتى قويت المعرفة والمحبة لم يرد صاحبها إلا ما يريد مولاه.
وفي بعض الكتب السابقة: من أحب الله لم يكن شيء عنده آثر من رضاه، ومن أحب الدنيا لم يكن شيء عنده آثر من هوى نفسه.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن الحسن قال: ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت على قدمي حتى أنظر على طاعة أو على