في سنة رسوله من أدلة العلو، ويلزمهم على هذا لوازم ليس هذا محل ذكرها.
وإنما أردنا بيان طريقة هذا الرجل، وما دل عليه كلامه لقول أهل الاتحاد، وليس في الكتاب والسنة، ولا في كلام سلف الأمة أن الله -تعالى- متوحد بجميع الجهات، بل الذي في القرآن: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 1.
ومعناه: أنه -تعالى- اختص بالإلهية دون كل ما سواه؛ فهو الذي تؤلهه القلوب محبة وذلا وعبودية، وتعظيما، ودعاء ورجاء، وغير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا له، وكل إله سواه فهو باطل، فالإلهية صفته التي لا يصح أن يوصف بها غيره إلا على وجه الإنكار لها ونفيها، وهذا هو التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وفي سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 2 أي لا شبه له، ولا مثل له، ولا ند له، ولا كفو له، بل هو الكامل في ذاته وصفاته، لا إله غيره ولا رب سواه، فهذا هو التوحيد العلمي الذي يجب اعتقاده.
بيان القرآن لتوحيد الألهية والربوبية وإلحاد المبتدعة
والقرآن يقرر هذا التوحيد، ويبين أنه الإله الحق، كما قال -تعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} 3 وهذا هو التوحيد في الإلهية، ويبين توحيده في ربوبيته بقوله -تعالى-: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} 4 وقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} 5 إلى قوله: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} وهذا التوحيد الثاني قد أقر به مشركو العرب وغيرهم، لكنهم جحدوا التوحيد العملي؛ توحيد العبادة، فصار إقرارهم بهذا النوع حجة عليهم فيما جحدوا، كما قال -تعالى-: {مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 6.
قال علماء الصحابة والسلف والمفسرون: تسألهم مَن خلق السموات والأرض؟ فيقولون: الله، فذلك إيمانهم، وهم مع ذلك يعبدون غيره، فذلك شركهم.
وأما توحيده -تعالى- في أسمائه التي هي أوصافه -تعالى-، فالسلف وأهل السنة يثبتون ما أثبته الله في كتابه، وما أثبته رسوله في سنته، على ما يليق بجلال الرب