غسل من عليه الحدث الأكبر يديه بنية القيام من النوم

"المسألة الثانية": إذا غسل يديه من عليه الحدث الأكبر بنية القيام من نوم الليل، هل يرتفع الحدث عنهما بتلك النية أم لا بد من التخصيص بالنية أو بالفعل أو بهما؟

"الجواب" إذا قلنا بما اعتمده المتأخرون من الروايات عن أحمد في هذه المسألة واشترطنا النية لغسلهما كما هو المقطوع به عندهم فإن غسلهما بنية القيام من نوم الليل لا يرفع الحدث عنهما، لأنهم صرحوا بأن غسلهما من نوم الليل طهارة مفردة يجوز تقديمها على الوضوء والغسل بالزمن الطويل، لكون وجوب غسلهما منه تعبديا غير معقول لنا، لاحتمال ورود النجاسة عليهما وغسلهما لمعنى فيهما لا كما يقوله بعضهم، وحكاه أبو الحسين ابن القاضي رواية عن أحمد من أن غسلهما لإدخالهما في الإناء، فقد عرفت أنه لا بد لرفع الحدث عنهما من نية وفعل، على المذهب خاصة.

"تنبيه" غمس الشمال في هذا كغمس اليمين ولا فرق لأنه مفرد مضاف فيعم كقوله -عليه السلام- "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى" 1 صرح به في قوله "فإن التراب لهما طهور" وقوله في رواية مسلم " فنفض بيده" والمراد بيديه كما في المتفق عليه.

قال أبو الحسن ابن اللحام في القواعد الأصولية: المفرد المضاف يعم، هذا مذهبنا ونص عليه إمامنا تبعا لعلي وابن عباس.

وقال بدر الدين بن عبد الهادي في كتابه: غاية السول في الأصول المفرد المضاف يعم.

قال ابن القيم في البدائع: وعموم المفرد المضاف من قوله: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} 2 وقوله: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} 3 والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم انتهى.

"قلت" ويستفاد أيضا من قوله -تعالى-: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015