قال في شرحه: أي وإن نوى بالغسل الطهارة الكبرى أي رفع الحدث الأكبر لم يرتفع حدثه الأصغر؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "وإنما لكل امرئ ما نوى" 1 وهذا لم ينو الوضوء، هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم اهـ.
وحكى في "الفروع" و"المبدع" و"الإنصاف" عن الأزجي، وأبي العباس ابن تيمية أن الأصغر يرتفع بنية الأكبر، وجزم به ابن اللحام في الاختيارات لاندراج الأصغر في الأكبر، فيدخل فيه ويضمحل معه.
ومبنى الطهارات على التداخل فماهية الأصغر انعدمت بانعدام جزئها، وسواء تقدم الأصغر الأكبر، أو تأخر عنه، وروى البيهقي عن عمر أنه كان يقول: وأي وضوء أتم من الغسل إذا أجنب الفرج؟.
وعن يحيى بن سعيد قال: سئل سعيد بن المسيب عن الرجل يغتسل من الجنابة. يكفيه ذلك من الوضوء؟ قال: نعم.
واستأنسوا- أعني القائلين بدخوله في الأكبر- بحديث جابر بن عبد الله أن أهل الطائف قالوا: "يا رسول الله: إن أرضنا باردة فما يجزئنا من غسل الجنابة؟ فقال: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا" 2 وبقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: "إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين"3 أو قال: "فإذا أنت قد طهرت" 4 رواهما مسلم.
لكن الدلالة من هذين الحديثين ليست بصريحة، وعلى المذهب فقد حصر مُحَشِّي "المنتهى" الشيخُ عثمان صورَ نية رفع الحدث الأكبر في ست فقال: نية رفع الحدث الأكبر. نية رفع الحدثين. نية رفع الحدث وتطلق. نية استباحة أمر يتوقف على الوضوء والغسل معا. نية ما يسن له الغسل ناسيا للغسل الواجب. ففي هذه الصور كلها يرتفع الأكبر، ويرتفع الأصغر أيضا فيما عدا الأولى والأخيرتين، ثم ذكر أنها تأتي في الأصغر أيضا وزيادة، ولا حاجة لذكرها هنا؛ لأنها ليست من غرض السائل.